La Banque Centrale à travers les âges
البنك المركزي في العصور المختلفة
Genres
ومع هذا لا يفوتنا أن نذكر هنا أن القانون الروماني قد وضع القاعدة التي نقلها المشرع الفرنسي ومن أخذ عنه، وهي إمكان اتخاذ دفاتر البنوك حجة على المتعاملين وغيرهم، ودليلا من أدلة الإثبات في الدعاوى التجارية.
العصور الوسطى
ننتقل بعد ذلك إلى ما يعرف عند المؤرخين بالعصور الوسطى، وهي فترة احتضار الإمبراطورية الرومانية بين سقوط شقيها الغربي والشرقي، وتلك حقبة من الزمن سادت فيها العقائد الدينية عند المسيحين والمسلمين على السواء. أما في البلاد الإسلامية فعلماء الشرع لا يرون التعامل بالربا، وأما في البلاد المسيحية فقد كان رجال الدين يحرمون إقراض النقود بالفائدة وقد سموها الربا، ويحرمون أيضا إقراض السلع المستهلكة كالحبوب إذا كان ردها أكثر مما أعطيت؛ لذلك انفرد اليهود بعمليات الإقراض في مختلف الدول، وأرهقوا الناس بشروط فادحة جعلتهم موضع الكراهية والمطاردة والاعتداء في كثير من البلاد.
ولكن الظروف السياسية والاقتصادية - وخصوصا في بيزنطة التي ورثت تقاليد الإغريق والرومان - جعلت الكنيسة تتسامح تدريجيا، فلا تأخذ محاكمها بالشدة من يتعامل بالفائدة. وجاء بعض الباباوات يجيز التعامل بالفائدة على أن تكون قليلة وحمى بعض المقرضين بالفعل، بل توسط لهم في تحصيل ديونهم كي يمنع عبث اليهود وسيطرتهم على مرافق التجارة والمال. فنشطت على أثر ذلك شركات صغيرة مكونة في الغالب من أفراد عائلة واحدة غنية تقوم بأعمال البنوك بمالها، وربما أمدها حاكم أو غني مستتر بماله أيضا. وقد أقرضت الأفراد والحكومة والنبلاء واستظلت بظلهم تستمد منه الجاه والمعونة وتدفع به الأذى عن نفسها. وكثيرا ما اقترضت الحكومات والبلديات من هذه البنوك لتشتري الحبوب في أوقات المجاعة أو لتنفق على الحروب، وكتبت للبنوك صكوكا بالدين وفوائده ومواعيد دفع أقساطه؛ فكان من ذلك أساس الديون العامة وصلة البنوك بها.
ولهذا فقد رأى بعض الحكام أنه لا مفر من تعضيد هذه الشركات، بل لا بد له من خلقها لتقف إلى جواره في الأزمات ولتساعده في التجارة، فنجد حاكم البندقية ينشئ في سنة 1171 البنك المعروف ببنك
Bank of Wenice
باكتتاب جبري فرضه على الأغنياء فرضا، وتعهد لهم بضمان ربح لا يقل عن 5٪ سنويا، ثم أشرك الحكومة معهم بالمال، وجعل على إدارة ذلك البنك موظفين يعينهم لإدارته.
وقد نجح ذلك البنك المركزي شبه الحكومي نجاحا كبيرا دفع بلادا أخرى إلى تقليده؛ فقام على قواعده بنك سانت جورج وبنك برشلونة في القرن الرابع عشر. وأخذت الفكرة تنتشر من بلد إلى آخر حتى أخذ بها الهولنديون حين كبر ملكهم ونشطت تجارتهم بعد توسعهم الاستعماري، فأنشئوا في أمستردام بنكها المعروف
Bank Amesterdam-“Bank van Wissel”
سنة 1609 في كنف الحكومة وتحت إدارتها بواسطة موظفيها.
Page inconnue