La Banque Centrale à travers les âges
البنك المركزي في العصور المختلفة
Genres
وقد عرف القانون الإغريقي نظام إيقاف الدفع المعروف الآن «بالموراتوريوم» في أوقات الضيق والأزمات. وقد تخصص بعض المدافعين في القضايا المالية، ورتبوا لها إجراءات تؤدي إلى سرعة الفصل فيها.
البنك المركزي عند البطالسة
وحين دخل الإغريق سنة 332ق.م مصر لم تكن لها نقود مضروبة؛ لأن المصريين كانوا يتعاملون بالحبوب فيما بينهم. وقد كانوا يتعاملون أيضا بحلقات معدنية إذا استدعى الأمر في أغراض تجارية أغلبها مع غير المصريين، فقد كانت للإغريق جاليات استوطنت من قبل مدنا لا تبعد عن البحر الأبيض، أهمها بلدة «نقراطس» عند فرع النيل الكانوبي، ومكانها الآن بلدة «نقراش» القريبة من «إيتاي البارود».
كانت هذه البلدة بمثابة ميناء دولي حر تقطنه جالية إغريقية بلغ عدد أفرادها 10000 نسمة يتعاملون فيما بينهم أو مع أهل البلاد الآخرين بالقطعة الدارية الذهبية وبالقطع الإغريقية من الدراخمة ومضاعفاتها. وقد نشطت هذه الجاليات الإغريقية ومن نزح إلى مصر من الإغريق عقب الفتح المقدوني، وتغلغلوا في داخلية البلاد، وكان منها كبار الموظفين ورجال المال على عهد البطالسة.
ولقد وضع البطالسة لموارد الخزانة نظاما مزدوجا في الضرائب، فقسموها إلى قسمين؛ أحدها: ضرائب تؤخذ عينا من الحبوب التي تنتجها الأرض المزروعة، والآخر: ضرائب تؤخذ نقدا من العملات التي ضربوها في مصر باسمهم. أما الضرائب الزراعية؛ فقد كانت تسلم في شون، ثم تنقلها مراكبهم في النيل وترعه إلى المخازن الرئيسية بالإسكندرية. وأما الضرائب النقدية - وهي رسوم ومكوس تؤخذ على كل ما لا علاقة له بالزراعة كرسوم العقود وضرائب المهن الحرة والاحتكار - فقد عهدوا فيها في أول الأمر إلى ملتزم يرسو عليه العطاء الأكبر في مزايدة علنية.
ولم يلبث أن اتضح خطأ نظام الالتزام في الضرائب النقدية؛ لأنه نظام وإن صلح في آثينا إلا أنه لا يصلح في مصر لبعد المسافات وصعوبة الإشراف على عمل هؤلاء الملتزمين الذين ساموا الناس الخسف، ونشروا الرشوة في الجباية، وأساءوا إلى البطليموس نفسه، فعدلت الحكومة عن نظام الالتزام، وعينت موظفين من قبلها لجباية الضرائب وإيداعها مصرفا حكوميا يقوم على تحصيلها واستغلالها لحساب الخزانة.
وقد ألقت حفائر الفيوم أخيرا ضوءا على أعمال هذا النوع من المصارف الحكومية فيما اكتشف بها من وثائق تركها «زينون» - أحد مديري هذه المصارف - وفيما اكتشف بالإسكندرية من نصوص لإرادات ملكية تعرف بقوانين الإيرادات كان البطليموس «فيلادلف» يرسلها إلى مديري هذه البنوك وموظفيها كمنشورات أو لوائح يجب العمل بها.
ومما يؤسف له أشد الأسف أن وثائق «زينون» موزعة على عدة متاحف، فبعضها بمتحف القاهرة، والبعض الآخر في متاحف الولايات المتحدة، وإيطاليا، وكولومبيا. وكان من الواجب أن تحفظ سجلات «زينون» وملف أعماله في متحف القاهرة، وأن تترجم كلها، فلا يترجم بعضها ويبقى البعض الآخر بغير ترجمة. ومما يؤسف له أيضا أن قوانين الإيرادات قد أضرت بها رطوبة الإسكندرية التي تتلف ورق البردي؛ ولذلك اضطر كثير ممن ترجموها أن يملئوا الفراغ الذي أحدثه التلف بفروض ظنية قد تصيب وقد تخطئ؛ ومن ثم يقوم الخلاف عند الباحثين فيها.
ولقد اطلعت على الترجمة الإنجليزية لهذه الوثائق وعلى رسالة قيمة وضعها العالم الألماني «فلكن
Vulken » عنوانها:
Page inconnue