Balaghat Gharb
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
Genres
كنت ذات ليلة جالسا بجانبها ، فانحنت على البيانو وتسربت إليه يدها البيضاء، وهي غارقة في بحار أمانيها؛ فخيل إلي أني أسمع خرير الماء، أو أن النسيم مر على مقصبة
25
مشفقا أن يوقظ ما حط عليها من الطير.
وكانت ملذات الليالي الشجية تنبعث حولنا من أكمام الأزهار، وعلى كثب منا حديقة غناء، بها القسطل والبلوط العتيق، تميل منها الجذوع تحت غصونها الميادة، ونحن منصتان لسكون الليل، وكانت النافذة مفتوحة يمر منها أريج الخريف المنعش فعطر غرفتنا، وكانت الرياح ساكنة والسهل قفرا، ونحن وحدنا تساورنا الشجون، ولم يك لنا من العمر إلا خمسة عشر ربيعا.
نظرت إلى لوسيا فإذا هي بيضاء ذهبية الشعر، بعينيين لم أر أجمل منهما، تزريان بصفاء السماء، فسرت في دمي نشوة جمالها؛ إذ كنت لا أهيم بغيرها وحبي لها كحب الأخ لأخته، وكان الحياء يخامر كل بادرة منها.
وبينا نحن سكوت إذ مست يدي يدها؛ فرأيت جبينها الوضاح وقد ارتسم عليه الحزن، وكنت أشعر أن لنضارة الوجه وشباب الفؤاد وهما توأمان ورضيعا لبان تأثيرا عظيما في شفاء تباريحنا وآلامنا.
أشرق القمر في سماء نقية رائقة، وما لبث أن اشتملته مزنة
26
بيضاء كنسيج من اللجين.
27
Page inconnue