La Mer Méditerranée: Destins d'une mer
البحر المتوسط: مصاير بحر
Genres
86
الذين يودون منعهم من الوصول إلى أهدافهم البعيدة المدى، ومع ذلك كان يعيش أحدهم أو يظهر تلميذ أو نصير لهم على الدوام. وهكذا سرت حكمة مذاهب البحر المتوسط، كالمذهب الرباني ومذهب الحقيقة ومذهب الجمال، في العالم وأثرت في الأمم التي لا تزال تقدس لها.
11
أتت أول سفينة من الصحراء، وكانت هذه سفينة نهر في بدء الأمر، وما كانت مصر العاطلة من الغاب لتستطيع فتح البحر، ولكنها كانت مضطرة إلى السفر على النيل الذي كان أبا البلد وإلهه معا، وكان خشب السدر الجبلي نادرا، وكان خشب السنط ثقيلا، وبما أنه لم يوجد سوق أو قشور غير ذلك، فإن حزما من البردي كانت تربط في الأزمنة الأولى وتجمع على شكل القرن في الأمام وفي الخلف وتشد بلوح. وكان هذا الزورق الذي هو بلا خدف
87
ولا مقذف يحرك بغواديف،
88
فيمكنه أن يحمل رجلا مع بقرة على الأكثر. ويتقدم الزمن، وتمكن حيازة الخشب، ويحافظ على صورة الفلك هذه، ولا يقال إنه «ينشأ» مركب، بل يقال إنه «يربط»، ويستعمل الجميز والسنط لمزاياهما الخاصة.
ويغامر المصريون في البحر سنة 2800 قبل الميلاد ويجلبون من آشور أربعين سفينة مشحونة بخشب الأرز. وإذا ما نظرت إلى التصاوير الجدارية وجدت الجداف وقوفا مديرين لخدوف الذيل؛ أي المؤخرة. ويمضي زمن قليل فيخترعون الدفة الثابتة معلقة في حلقة فوق المركب فيكون الماء لا الإنسان هو الدافع بذلك. ولم تلبث الأشرعة أن ظهرت على النيل، وعلى مياه ساحل البحر على ما يحتمل، ولم تلبث المراكب أن أخذت تسافر على النهر المتغير دائما، ولم يزل يوجد مجهزون للمراكب حوالي سنة 1500.
وفي كتاب «النيل» ذكرنا ماذا أنجز قدماء المصريين وأهملوا في معاركهم ضد الآشوريين وضد القراصين. وهنا، حيث نبحث في مصير البحر المتوسط، نقتصر على ذكر الرجال الذين كانوا أول من حاول إخراج البحر من الحدود التي حصره القدر فيها، ولم لم ينته الفراعنة، الذين أقاموا الأهرام والمسلات غير مستعينين بآلات رفع الأثقال وما إليها، إلى حفر برزخ السويس؟
Page inconnue