L'Océan des Mers en Principes de Jurisprudence Islamique
البحر المحيط في أصول الفقه
Maison d'édition
دار الكتبي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
القاهرة
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ. وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ النَّظَرَ غَيْرُ مُوَلِّدٍ لِلْعِلْمِ. بِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّ قُدْرَةَ الْإِنْسَانِ لَا تُوجَدُ قَبْلَ مَقْدُورِهَا. وَإِذَا ثَبَتَ لَنَا هَذَا الْأَصْلُ بِدَلِيلٍ بَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ الْوَاقِعُ عَقِبَ النَّظَرِ مِنْ فِعْلِ الْإِنْسَانِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ فِعْلِهِ، لَوَجَبَ كَوْنُهُ قَادِرًا عَلَيْهِ بِقُدْرَةٍ تُقَارِنُهُ، أَوْ تُقَارِنُ الْقُدْرَةَ عَلَى سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ النَّظَرُ. وَهُوَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَقَدُّمَ الْقُدْرَةِ عَلَى مَقْدُورِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَقِبَ النَّظَرِ]
[الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَقِبَ النَّظَرِ] اُخْتُلِفَ فِي الْعِلْمِ الْحَاصِلِ عَقِبَ النَّظَرِ، فَمَنْ قَالَ فِي الْأُولَى بِالتَّضَمُّنِ، أَوْ الْإِيجَابِ الذَّاتِيِّ قَالَ: إنَّهُ ضَرُورِيٌّ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَإِلْكِيَا، وَالْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ " وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ بِالْعَادَةِ فَلَيْسَ بِضَرُورِيٍّ لِجَوَازِ خَرْقِهَا، فَيَخْرُجُ حِينَئِذٍ عَنْ كَوْنِهِ ضَرُورِيًّا، إذْ الضَّرُورِيُّ هُوَ الَّذِي يَلْزَمُ النَّفْسَ لُزُومًا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الِانْفِكَاكُ عَقْلًا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ " وَتَبِعَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَحَيْثُ قُلْنَا: إنَّ النَّظَرَ الصَّحِيحَ يَتَضَمَّنُ تَرْتِيبَ الْعِلْمِ بَعْدَهُ، فَالنَّظَرُ الْفَاسِدُ، وَفِي الشُّبْهَةِ لَا يَقْتَضِي الْجَهْلَ، وَلَا الشَّكَّ، وَلَا شَيْئًا مِنْ أَضْدَادِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ يَتَعَلَّقُ بِمَدْلُولِهِ، وَالشُّبْهَةُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِأَضْدَادِ الْعُلُومِ
1 / 68