L'Océan des Mers en Principes de Jurisprudence Islamique
البحر المحيط في أصول الفقه
Maison d'édition
دار الكتبي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
القاهرة
الْفِقْهَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عِلْمَ الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا عِلْمُ الْكَلَامِ دَلِيلُ الْمُعْجِزَةِ، وَهُوَ دَلِيلُ الْأُصُولِ، فَاسْتَنَدَ إلَى الدَّلِيلِ. وَكَذَلِكَ مَادَّةُ الْعَرَبِيَّةِ.
فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُجْعَلُ الْفِقْهُ مَادَّةً لِلْأُصُولِ. وَهُوَ فَرْعُ الْأُصُولِ، وَمَادَّةُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ، فَهَذَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ أَصْلًا وَالْأَصْلُ فَرْعًا؟ أَجَابَ الْمُقْتَرِحُ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْبُرْهَانِ " بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُذْكَرَ الْفِقْهُ فِي الْأُصُولِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، فَيُذْكَرُ الْوَاجِبُ بِمَا هُوَ وَاجِبٌ، وَالْمَنْدُوبُ بِمَا هُوَ مَنْدُوبٌ، لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مُبَيِّنٌ حَقِيقَةَ الْأُصُولِ. وَإِنَّمَا الْمَحْذُورُ أَنْ يُذْكَرَ جُزْئِيَّاتُ الْمَسَائِلِ، فَإِنَّ ذِكْرَهَا يُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ.
[تَوَقُّفُ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى الْفِقْهِ]
وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ أُصُولِ الْفِقْهِ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ، إذْ يَسْتَحِيلُ الْعِلْمُ بِكَوْنِهَا أُصُولَ فِقْهٍ مَا لَمْ يُتَصَوَّرْ الْفِقْهُ، لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى مَعْرِفَةٍ إضَافَةٌ حَقِيقِيَّةٌ لَا بُدَّ وَأَنْ يَتَعَرَّفَ بِهَا، وَلَا يُمْكِنُ التَّعْرِيفُ إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ سَبْقِ مَعْرِفَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمُرَكَّبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِمُفْرَدَاتِهِ ضَرُورَةً وَأَمَّا الْمَوْضُوعُ: فَشَيْءٌ يَبْحَثُ عَنْ أَوْصَافِهِ وَأَحْوَالِهِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمَنْطِقِيِّينَ: مَوْضُوعُ كُلِّ عِلْمٍ مَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ أَعْرَاضِهِ الذَّاتِيَّةِ. أَيْ مَا يَلْحَقُ الشَّيْءَ لِذَاتِهِ، كَالتَّعَجُّبِ اللَّاحِقِ لِلْإِنْسَانِ لِذَاتِهِ، لَا بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ. أَوْ لِجُزْئِهِ، كَالْمَشْيِ اللَّاحِقِ لَهُ بِوَاسِطَةِ كَوْنِهِ حَيَوَانًا.
أَوْ لِأَمْرٍ يُسَاوِيهِ، كَالضَّحِكِ اللَّاحِقِ لَهُ بِوَاسِطَةِ التَّعَجُّبِ، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ أَعْرَاضُهُ الذَّاتِيَّةُ.
وَقَدْ يَكُونُ لِأَعَمَّ دَاخِلٍ فِيهِ. كَالْحَرَكَةِ لِلْإِنْسَانِ لَكِنَّهُ مَهْجُورٌ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِرُجُوعِ مَوْضُوعَاتِ مَسَائِلِ الْعِلْمِ إلَيْهِ. فَمَوْضُوعُ الْفِقْهِ: أَفْعَالُ
1 / 47