L'Océan des Mers en Principes de Jurisprudence Islamique
البحر المحيط في أصول الفقه
Maison d'édition
دار الكتبي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
القاهرة
وَتَخَبَّطَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: يَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَنَا فِي قَوْلِنَا: إنَّمَا نَعْرِفُ مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَبَيْنَ قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إنَّا نَقُولُ مَا قَضَى الْعَقْلُ بِقُبْحِهِ جَازَ أَنْ تَرِدَ الشَّرِيعَةُ بِاسْتِحْسَانِهِ اهـ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ " التَّحْصِيلِ ": وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولَانِ بِوُجُوبِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَوُجُوبِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، ثُمَّ إنَّ الصَّيْرَفِيَّ نَاظَرَ الْأَشْعَرِيَّ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ بِالْعَقْلِ بِوُجُوبِ الِاحْتِرَازِ مِمَّا يُخَافُ مِنْهُ الضَّرَرُ. قَالَ: فَإِذَا خَطَرَ بِبَالِ الْعَاقِلِ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَانِعٌ قَدْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ مِنْهُ الشُّكْرَ عَلَى نِعَمِهِ وَالِاسْتِدْلَالَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ لَزِمَهُ الشُّكْرُ وَالْمَعْرِفَةُ. فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَرِيُّ: هَذَا الِاسْتِدْلَال يُنَافِي أَصْلَك؛ لِأَنَّك اسْتَدْلَلْت عَلَى وُجُوبِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ بِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْعِمُ قَدْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَإِرَادَةُ اللَّهِ لَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَرَادَ حُدُوثَ كُلِّ مَا عَلِمَ حُدُوثَهُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَطَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْمَعَاصِي، وَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ ﷿ حُدُوثَهَا. فَعَلِمَ الصَّيْرَفِيُّ مُنَافَاةَ اسْتِدْلَالِهِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَرَجَعَ إلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ قَبْلَ الشَّرْعِ. اهـ. زَادَ الطُّرْطُوشِيُّ أَنَّهُ صَنَّفَ كِتَابًا سَمَّاهُ " الِاسْتِدْرَاكَ " رَجَعَ فِيهِ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ. وَقِيلَ: إنَّهُ أَلْحَقَ بِحَاشِيَةِ الْكِتَابِ: نَحْنُ وَإِنْ كُنَّا نَقُولُ بِشُكْرِ الْمُنْعِمِ فَإِنَّمَا نَقُولُهُ عِنْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ
1 / 199