L'Océan des Mers en Principes de Jurisprudence Islamique

al-Zarkashi d. 794 AH
103

L'Océan des Mers en Principes de Jurisprudence Islamique

البحر المحيط في أصول الفقه

Maison d'édition

دار الكتبي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1414 AH

Lieu d'édition

القاهرة

[مَسْأَلَةٌ تَفَاوُتُ الظُّنُونِ] ِ] وَفِي تَفَاوُتِ الظُّنُونِ قَوْلَانِ نَظِيرُ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي تَفَاوُتِ الْعُلُومِ. فَقِيلَ: لَا تَتَفَاوَتُ كَمَا لَا تَتَفَاوَتُ الْعُلُومُ، وَإِنَّمَا تَتَفَاوَتُ الْأَدِلَّةُ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ. بَلْ الظَّنُّ يَقْبَلُ الْأَشَدِّيَّةَ وَالْأَضْعَفِيَّةَ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ، فَرُبَّ شَكٍّ فِي أَصْلِ الشَّيْءِ، وَشَكٍّ فِي وَصْفِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْأَصْلِ. فَالشَّكُّ فِي الْأَصْلِ وَالْوَصْفِ يُقَابِلُهُ احْتِمَالَانِ، وَالشَّكُّ فِي الْوَصْفِ خَاصَّةً يُقَابِلُهُ احْتِمَالٌ وَاحِدٌ. وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ ﵁: مَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا؟ فَشَكُّهُ وَسْوَسَةٌ فَيَسْتَصْحِبُ الْحِلَّ. وَلَوْ حَلَفَ يَقِينًا، ثُمَّ شَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا؟ فَشَكُّهُ هَاهُنَا مُعْتَبَرٌ يُوجِبُ الِانْكِفَافَ وَالْحَظْرَ، وَهَلْ هُوَ وُجُوبُ قَضَاءٍ أَوْ وُجُوبُ إرْشَادٍ لَا إلْزَامٌ مِنْ الْقَاضِي؟ فِيهِ خِلَافٌ لِلْمَالِكِيَّةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: فَإِنْ قُلْت: هَلْ يَقِفُ أَحَدٌ إذَا ظَنَّ شَيْئًا مَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ الظَّنِّ كَمَا يَقِفُ عَلَى أَصْلِ الظَّنِّ؟ . قُلْت: لَا يَقِفُ أَحَدٌ عَلَى ذَلِكَ إلَّا تَقْرِيبًا إنَّمَا الَّذِي يُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ يَقِينًا هُوَ الْعِلْمُ، وَمِثَالُهُ فِي الْمَحْسُوسَاتِ: أَنَّ الْجَوْهَرَ الْفَرْدَ مَوْجُودٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيُثْبِتُهُ الْعَقْلُ، وَلَكِنْ لَا يُثْبِتُهُ الْحِسُّ، وَإِنْ أَثْبَتَ تَفَاوُتًا بَيْنَ الْأَجْرَامِ صِغَرًا وَكِبَرًا لَكِنَّهُ إثْبَاتٌ بِالتَّقْرِيبِ، لَا بِتَحْقِيقِ أَعْدَادِ الْجَوَاهِرِ بِأَعْدَادِ الْجَوَاهِرِ كَإِنْكَارِ الظُّنُونِ، وَلِهَذَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْأَجْوَدِ، لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ

1 / 105