L'Océan Étendu dans l'Interprétation du Coran Glorieux
البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
Enquêteur
أحمد عبد الله القرشي رسلان
Maison d'édition
الدكتور حسن عباس زكي
Édition
١٤١٩ هـ
Lieu d'édition
القاهرة
Genres
Tafsir
ولقد صدق مَن سبقت له العناية، وأُتحف بالرعاية والهداية، حيث يقول «١»:
فَهَذِهِ طريقَةُ الإشْرَاقِ ... كَانَتْ وتَبْقَى ما الوُجُودُ بَاقِ
وقال أيضًا:
وأَنْكَرُوهُ مَلاٌ عَوَامٌ ... لَمْ يَفْهَمُوا مَقْصُودَهُ فَهَامُوا
فتب أيها المنكر قبل الفوات، واطلب من يأخذ بيدك قبل الممات، لئلا تلقى الله بقلب سقيم، فتكون في الحضيض الأسفل من عذابه الأليم، فسبب العذاب وجود الحجاب، وإتمام النعيم النظر لوجهه الكريم، منحنا الله منه الحظ الأوفى في الدنيا والآخرة. آمين.
ثم ذكر الحق تعالى استهزاءهم بالإسلام وامتناعهم منه، فقال:
[سورة البقرة (٢): آية ١٣]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ (١٣)
قلت: الكاف من كَما آمَنَ صفة لمصدر محذوف، و(ما) مصدرية. أي: إذا قيل لهم آمنوا إيمانًا خالصًا من النفاق مثل إيمان المسلمين، أو من أسلم من جلدتهم، والسفه: خفة وطيش في العقل، يقال: ثوب سفيه، أي: خفيف.
يقول الحق ﷻ: وَإِذا قِيلَ لهؤلاء المنافقين من المشركين واليهود: اتركوا ما أنتم عليه من الكفر والجحود، وراقبوا الملك المعبود، وطهروا قلوبكم من الكفر والنفاق، وأقصروا مما أنتم فيه من البعاد والشقاق وآمِنُوا إيمانًا خالصًا مثل إيمان المسلمين، لتكونوا معهم في أعلى عليين، «مَنْ أحَبَّ قَوْمًا حُشرِ مَعهم» . «المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ»، قالُوا مترجمين عما في قلوبهم من الكفر والنفاق: أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ الذين لا عقل لهم، إذ جُلهم فقراء ومَوَالي.
قال الحق تعالى في الرد عليهم وتقبيح رأيهم: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ لا غيرهم، حيث تركوا ما هو السبب في الفوز العظيم بالنعيم المقيم، وارتكبوا ما استوجبوا به الخلود في الدرك الأسفل من الجحيم وَلكِنْ لاَّ يَعْلَمُونَ
(١) القائل: ابن البنا السرقسطى فى المنظومة.
1 / 80