مولاي، ومن قبلي التقصير، ولأطعته وطلبت رضاه، ما كان من أمري هذا، وجعل يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق.
قال: فرحمه القوم، وظنوا أنه يعني مولى من موالي الدنيا، وهو ما كان يريد بذلك إلا رب العزة.
فقال له رجل من أهل القافلة: لا تخف، أنا آخذ لك من مولاك الأمان، فارجع إليه وتب. فقال: إني راجع إليه، وراغب فيما لديه.
قال: وكان خرج زائرا إلى قبر رسول الله ﷺ، فسارت القافلة ذلك اليوم، وسار معهم، وجدّوا في السير، فلما كان في الليل نزلوا في فلاة من الأرض، وكانت ليلة شاتية باردة كثيرة المطر. قال: فأوى كل واحد من أهل القافلة إلى رحله وخبائه، ولم يأو أويس إلى شيء، ولم يسأل أحدا شيئا. قال: وقد كان آلى على نفسه إلا يسأل من أمور الدنيا لمخلوق، وإنما تكون حوائجه إلى الله ﷾، فبلغ به البرد تلك الليلة مبلغا شديدا، حتى اضطربت جوارحه من شدة البرد، واشتد عليه سلطان البرد حتى مات في جوف الليل.
فلما أصبحوا وأرادوا الرحيل نادوه: قم أيها الرجل، فان الناس قد رحلوا، فلم يجبهم، فأتاه رجل قريب منه، فحرّكه فوجده ميتا ﵀، فنادى: يا أهل القافلة، إن العبد الهارب من سيده قد مات، ولا ينبغي لكم الرحيل حتى تدفنوه. قالوا: وما الحيلة في أمره؟.
فقال لهم رجل صالح كان معهم: إن هذا العبد كان عبدا تائبا راجعا إلى مولاه نادما على ما صنع، ونحن نرجو أن ينفعنا الله به، وقد قبل توبته، ونخاف أن نسأل عنه إن تركناه غير مدفون، ولا بدّ لكم أن تصبروا حتى تحفروا له قبرا وتدفنوه فيه.
فقالوا: هذا موضع ليس فيه ماء، فقال بعضهم لبعض: اسألوا الدليل، فسألوه، فقال: إن بينكم وبين الماء ساعة، ولكن أرسلوا معي واحدا وأنا آتيكم بالماء.
1 / 39