Mer des Connaissances
بحر العلوم
ثم قال تعالى: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ يعني خبر عيسى، كما أخبرتك وأنبأتك في القرآن فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ أي من الشاكين. ويقال: المثل الذي ذكر في عيسى، هُوَ الحق مِن رَّبّكَ، وهذا الخطاب للنبيّ ﷺ، والمراد منه جميع من اتبعه، ومعناه فلا تكونوا من الممترين، أي من المشركين، يعني أن مثله كمثل آدم- ﵉ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ وذلك أن النصارى لما أخبرهم بالمثل في حق عيسى- ﵇ قالوا ليس كما تقول، وهذا ليس بمثل، فنزلت هذه الآية فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ يعني خاصمك في أمر عيسى- ﵇ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ أي من البيان في أمره فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ أي نخرج أبناءنا وأبناءكم وَنخرج نِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ يعني نحن بأنفسنا، ويقال:
إخواننا ونجتمع في موضع ثُمَّ نَبْتَهِلْ أي نلتعن. وقال مقاتل: يعني نخلص في الدعاء.
ويقال: هي المبالغة في الدعاء والتضرع فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فواعدهم رسول الله ﷺ بأن يخرجوا للملاعنة، فجعلوا وقتًا للخروج، وتفرقوا على ذلك، ثم ندموا، فلما كان ذلك اليوم خرج رسول الله ﷺ، وأخذ بيد الحسن والحسين، وخرج معه علي بن أبي طالب، وفاطمة، فلما اجتمعوا في الموضع الذي واعدهم، طلب منهم الملاعنة، فقالوا نعوذ بالله، فقال لهم: «إِمَّا أَنْ تُلْعَنُوا، وَإِمَّا أَنْ تُسْلِمُوا، وَإِمَّا أَنْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ»، فقبلوا الجزية، وصالحوه بأن يؤدوا كل سنة ألفي حلة، ألف حلة في المُحَرَّم، وألف حلة في رجب، وأَمَّرَ عليهم أبا عبيدة بن الجراح، ورجعوا، فقال النبيّ ﷺ: «لَوْ أَنَّهُمُ الْتَعَنُوا لَهَلَكُوا كُلُّهُمْ حَتَّى العَصَافِيرُ فِي سقوف الحيطان» .
[سورة آل عمران (٣): الآيات ٦٢ الى ٦٦]
إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضًا أَرْبابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٦٤) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (٦٦)
ثم قال الله تعالى: إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ يعني ما أُخْبِرُوا من أمر عيسى- ﵇ هو الخبر الحق يعني أنه كان عبد الله ورسوله. ويقال: هذا القرآن هو الحق وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ لا شريك له وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ العزيز في ملكه، الحكيم في أمره حكم
1 / 220