وأما أولئك الثلاثة فخرجوا عن تلك الجهة وأعيا الناس أمرهم، واستحوذوا عقولهم[40/أ]، لكنهم تركوا لاعة، وداروا في غيرها من الجهات الواسعة. ولعل هذا المذكور والحضرمي الآخر من أولئك الذين كانوا بلاعة. ووصل الشيخ المذكور إلى صنعاء في شهر ربيع من هذه السنة، فأظهر عمله واستخف عقول كثير من الناس، وأظهر لهم فعله، فعجبوا من إخراجه الأسحار ومن المكاتبة الصادرة منه للجان، ولازمه يحيى بن حسين بن المؤيد بالله ، وأخذ عنه الصنعة، وطلب منه المعرفة، فعلمه المذكور، وقال: إنه قد ربما يدرك ذلك المسطور، ويحتمل أن تكون هذه الأمور من الشعبذة والتمويهات والمخرقة فلا ينبغي الاغترار بذلك، إذ قد تكون هذه الصنعة من صنعة قلب الأعيان، وهي من أنواع السحر كما قرره العلماء فيما مضى من الزمان. وقد كان رجل سيد في المدة السابقة صبيا شابا فاسقا متهتكا قد حد مرارا في الشراب وغيره، يقص البياض قطعا ويتلو أشياء وإذا هي بقشا بيضاء يراها غيره، فقد تكون هذه الخطوط في الأوراق التي يظهرها[40/ب] من هذا الوادي، وما يقوله من إخراج ورق السحر من هذا الأمر الجاري، والله أعلم.
وكذلك كان يفعل هذا رجل يقال له: السيد ياسين، ويرجع البياض إلى أصلها الأول من بعد ذلك. وكان فقيرا فقرا مدقعا، ومنهم أيضا هذا الزمان الفقيه أحمد الأسنافي، لكنه يستخطف الدراهم، فلذلك يبقى ولا يغير عن أصلها، وهو لا يجوز الاستخطاف لأموال الناس، وكل ذلك من أعمال السحر وأبوابه.
Page 349