============================================================
بهجة الطاتفة المعاني والصفات. إذ أعين الصور(1) لا تقدر على رؤية أجناس العلى من المعاني والصفات، ولا بسمع الجارحة يقدر على استماع ما يظهر من مفهومات عالم الحياة، ولا التوهم الحسي يقدر على آن يصف ما عند الله 3 لأهله من الكرامات(2) والصلات والهدايات. وإنما هذه الالات اللحمية الشحمية الجسمانية خلقت لمرئيات الصور الدنياوية، لا للصفات العلوية.
إذ لا تذرك مرئيات العلى إلا بعين القلب، ولا تشمع مسموعات العلى إلا 6 بسيع القلب. والوصف عن ذلك، إنما يكون إذا كان القلب قائلا، ينطق عن الله: تارة بالعرض على القلب، وتارة بإنزال المرئي إلى عالم القلب، وتارة بجذب(3) القلب إلى عالم المرئي، ليشاهده في عالمه.
ونفائس الآخرة في الدنيا لا تظهر إلا في عالم المعرفة والأحوال، لا في عالم العلم والأقوال. ألا ترى أن رسول الله، ، لما سأل حارثة(4) : اكيف أصبحت؟" قال: أصبحت مؤمنا حقا؛ ما اقتنع من قوله حتى قال: 12 "لكل حق حقيقة(5)، فما حقيقة إيمانك؟" فقال : عزفت عن الدنيا. فأخبر أن الذي رأى، لم ير في الدتيا (32 ب)، بل كأنه في الآخرة، بواسطة عزوف النفس عن الدنيا(6). فلما أخبره عن صفة حال وذوقي وكشف ومشاهدة 15 وعيان - وليس الخبر كالمعاينة، وعلامة ذلك عزوف النفس - قال في حقه (1) الصور: هنا بمعنى الأجسام والأجساد.
(2) الكرامات، في الأصل: الكرمات.
(3) بجذب، في الأصل: لمحذب.
4) حارثة، في الأصل: لحارثة، وهو الصحابي حارثة أو حارث بن مالك الأنصاري.
(5) لكل حق حقيقة: لكل شيء حقيقة، ابن حنبل 441:6، وتتمة النص هناك تختلف تماما: (6) الدنيا، في الأصل: الهوا، ثم شطبت، وأضيف التصحيح فوق السطر.
Page 89