209

Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد

Chercheur

عبد الكريم بن رسمي ال الدريني

Numéro d'édition

الأولى ١٤٢٢هـ

Année de publication

٢٠٠٢م

Genres

الحديث الثامن والتسعون: قلّة أهل الكمال والفضل عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ. لَا تكاد تجد فيها راحلة" متفق عليه١. هذا الحديث مشتمل على خبر صادق، وإرشاد نافع. أما الخبر، فإنه ﷺ أخبر، أن النقص شامل لأكثر الناس، وأن الكامل -أو مقارب الكمال- فيهم قليل، كالإبل المائة، تستكثرها. فإذا أردت منها راحلة تصلح للحمل والركوب، والذهاب والإياب، لم تكد تجدها. وهكذا الناس كثير. فإذا أردت أن تنتخب منهم من يصلح للتعليم أو الفتوى أو الإمامة، أو الولايات الكبار أو الصغار، أو للوظائف المهمة، لم تكد تجد من يقوم بتلك الوظيفة قيامًا صالحًا. وهذا هو الواقع؛ فإن الإنسان ظلوم جهول، والظلم والجهل سبب للنقائص، وهي مانعة من الكمال والتكميل. وأما الإرشاد، فإن مضمون هذا الخير، إرشاد منه ﷺ إلى أنه ينبغي لمجموع الأمة، أن يسعوا، ويجتهدوا في تأهيل الرجال الذين يصلحون للقيام بالمهمات، والأمور الكلية العامة النفع. وقد أرشد الله إلى هذا المعنى في قوله: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ﴾ [التوبة:١٢٢]، فأمر بالجهاد، وأن يقوم به طائفة كافية، وأن يتصدى للعلم طائفة أخرى؛ ليعين هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء. وأمره تعالى بالولايات والتولية أمر بها، وبما لا تتم إلا به، من الشروط والمكملات. فالوظائف الدينية والدنيوية، والأعمال الكلية، لابد للناس منها. ولا تتم مصلحتهم إلا بها، وهي لا تتم إلا بأن يتولاها الأكفاء والأمناء. وذلك يستدعي السعي في تحصيل هذه الأوصاف، بحسب الاستطاعة. قال الله تعالى ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن:١٦] . والله أعلم.

(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٦٤٩٨، ومسلم في "صحيحه" رقم: ٢٥٤٧ بعد ٢٣٢.

1 / 219