أمين، مقام التنزيه والتعظيم ومحل الشرف العظيم، والموقف السّني الأعلى، وواسطة العقد المحلى دار الهجرة لسيد المرسلين والمفتخرة به على جميع الأرضين. جاءت بذكر فضائلها الآثار مشهودة، وأتت بها الكتب الإلهية مسرودة، فحارت في بحار أوصاف صفاتها الأوهام، وعجز عن إدراك خصائصها جميع الأنام، وجلى نور صفائها صدأ العقول، إذ جالت في عرصاتها بالعرض والطول، وضاقت الكتب [في تصانيف] (^١) مسيرها والفصول، وأمعن الغزالي في ذلك وأشار في «الإحياء»، وكذلك ابن زبالة وابن الجوزي [وابن النجار] (^٢) والنووي يحي فكم أمات نشر شرفها إذ طرق مسامع الأحياء، وكم سرى طيب عرفها على جدث الموتى فأحيا، فلقد ساوى سرها سرائر طور سيناء (^٣)، إذ شفى ترابها ما أتعب أرسطاليس (^٤)، وابن سينا (^٥)، فتلمح - أيدك الله - مليح معانيها، وتأمل أسرارا أودعت فيها، فلقد أنشدنا فيها على بعض فضائلها تنبيها (^٦):
إلى طيبة شد الرحال ومشيها … فطيبة قد جلت بمن قد ثوى فيها
هي الموقف الأسنى الذي اختار ربنا … لخير الورى لو لم سوى ذا ليكفيها