89

Splendeur des Lumières

بهجة الأنوار

Genres

ولما كان الجهل نقيض العلم وكانت أحكام العلم دائرة بينه وبين الجهل إذ ما وجب علمه حرم جهله، وما حرم جهله وجب علمه، ختم هذا الركن بهذا الباب فقال:

الباب الرابع

في أقسام الجهل

وفيما يسع جهله وما لايسع

وبه يتم الكلام على الركن الأول إن شاء الله

(45)(والجهل قسمان بسيط سلما صاحبه والثاني فهو ما انتمى)

(46)(إلى مركب وليس يسلم صاحبه بفعله بل يأثم)

ينقسم الجهل؛ إلى بسيط وإلى مركب، (فالبسيط) هو عدم العلم بالشيء مما من شأنه العلم حتى لا يتصور في باله شيء مما جهل به ولا يخطر بعقله شيء من صفاته وصاحب هذا القسم معذور سالم لأن الحجة لم تقم عليه بعلم ما جهله، ولا يكون التكليف الا بعد قيام الحجة؛ أما ما قيل من أن راكب المحجور في دين الله هالك ولو لم يعلم بحجره فذلك محمول على من علم أن في دين الله حلالا وحراما، لكنه لم يعلم الحكم فيما ارتكبه بعينه وهذا قد تقدم له تصور علم بوجود جملة المحرمات فهلاكه انما كان بعد قيام الحجة عليه في الجملة وجهله بما ارتكبه جهل مركب لا بسيط. وأما (المركب) فهو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، وإنما سمي هذا القسم مركبا لتركبه من عدم العلم بالشيء واعتقاد أنه عالم، فصاحبه يظن أنه عالم بالشيء وهو جاهل به واليه الإشارة بقول القائل:

ومن عجب الأيام أنك جاهل وأنك لا تدري بأنك لا تدري

وصاحب هذا القسم هالك ان كان جهله بما يلزمه العلم به، وانما كان هالكا لقيام الحجة عليه بذلك الشيء واعتقاده فيه على خلاف حقيقته لا يكون عذرا له بعد وجوب علمه، فالمراد بقوله: (والثاني فهو ما انتمى إلى مركب) أي القسم الثاني من قسمي الجهل هو ما انتسب إلى مركب أي سمي بذلك، وقوله: (بل يأثم) تأكيد لقوله وليس يسلم.

ولما فرغ من تقسيم الجهل بالنظر إلى حقيقته وحصوله في ذهن المكلف شرع في بيان تقسيم الجهل المركب منه بالنظر إلى حكم الشارع فيه فقال:

( 47)(وباعتباره لدى التكلف لواسع الجهل وضيق يفي)

Page 119