وهو جامع صغير أنشأه والي بغداد سليمان باشا سنة 1193 على زاوية من أنقاض جامع عظيم طمست آثاره ولم يبق منه إلا منارته التاريخية العجيبة، ويغلب على الظن أن هذه المنارة كانت قائمة في مسجد دار الخلافة. وأما القول بأن هذه المنارة من آثار مسجد الرصافة، فإنه وهم لا يخفى؛ لأن رصافة المهدي وجامعها على مقربة من قبر الإمام أبي حنيفة، ولا يعقل أن تمتد إلى الجهة التي فيها منارة سوق الغزل.
مسجد الشيخ عبد القادر الجيلي:
ذكروا أن الشيخ عبد القادر الجيلي - رضي الله عنه - قد خلف شيخه أبا سعيد المخرمي في مدرسته التي كانت تقع على باب الأزج، فأضاف إليها وعمرها؛ فأعانه الأغنياء بمالهم والفقراء بعملهم. ولما توفي سنة 561 دفن في رواقها، وبعد وفاته بزمن اتخذت هذه المدرسة مسجدا، ولا يزال هذا المسجد قائما، وهو من أوسع مساجد بغداد اليوم، وعلى مصلاه قبة تعد أعظم قبة في مساجد بغداد، والمحلة التي تحيط بهذا المسجد تعرف اليوم بمحلة «باب الشيخ»، والمراد بالشيخ: الشيخ عبد القادر.
جامع الشيخ عمر السهروردي:
وهو من أقدم جوامع بغداد، وإلى جواره قبة مخروطية الشكل تظلل قبر الشيخ السهروردي المتوفى سنة 632، والشيخ عمر هذا من أكابر فقهاء الشافعية، ومن مشاهير الصوفية، وهو صاحب كتاب «عوارف المعارف» في التصوف، وقبته هذه تعتبر من أقدم الآثار التاريخية في بغداد، ولها شبه تام بالقبة المعروفة اليوم بقبة الست زبيدة،
1
وأهل بغداد اليوم يزورون هذا القبر ويتبركون به.
جامع مرجان:
هو في الأصل مدرسة شادها الخواجة مرجان مملوك السلطان أويس الجلائري سنة 758، وجعل ضمنها مسجدا تقام فيه الجمع، ووقف عليها الأوقاف الطائلة، وقد نقش بالآجر على جدران هذه المدرسة جميع ما وقف عليها مع شروط الوقف، ولا تزال هذه المبرة قائمة إلى اليوم على الجانب الشرقي من شارع الرشيد، وفيها من ضروب الريازة وبديع الصناعة المعمارية ما جعلها محج رواد الآثار العتيقة، وطلاب الفنون الجميلة. وفي هذه المدرسة دفن مرجان سنة 774، ولا يزال قبره ظاهرا إلى الآن.
هذه أظهر المساجد الجامعة في الجانب الشرقي، أما في الجانب الغربي فأشهر المساجد القديمة مسجد الكاظمين، وهو المسجد المشتمل على ضريح الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق وحفيده محمد الجواد عليهم الرضوان، وهو مسجد واسع الأكناف واقع في وسط بلدة الكاظمين التي تقابل بلدة الأعظمية، ويربط بينهما جسر عائم على دجلة، وبينها وبين الجانب الغربي من بغداد اليوم نحو ثلاثة أميال، ولا يعلم بالضبط التاريخ الذي أقيم فيه هذا المسجد، غير أن المؤرخين يذكرون أن الخليفة الطائع (363-381) صلى الجمعة إماما في هذا المسجد أكثر من مرة. وقد ذكر ابن جبير هذا المسجد في جملة المشاهد التي زارها، وقد ذكر المؤرخون أن النار قد التهمت هذا المسجد سنة 622 في خلافة الظاهر بالله فأسرع الخليفة إلى إعادة بنائه ولكن المنية عاجلته، فأتمه ابنه المستنصر. وعند حصار المغول لبغداد سنة 656، أصيب هذا المسجد بتدمير كبير ولكن هولاكو أمر بعد ذلك بإصلاح ما دمر، وقد أصيب بالغرق عدة مرات ولكنه استمر ثابتا، ويقوم اليوم على هذين الضريحين مسجد واسع الأكناف، رفعت قبابه في السماء، وزينت بضروب من الزينة، وأحيطت بأربع مآذن شوامخ. وقد غشي كل ذلك بصفائح من النحاس مطلية بالذهب تظهر للناظر على مسافة أميال من بغداد يكاد لمعانها يأخذ بالأبصار، وزين سائر جدران المسجد بالقاشاني الجميل، أما داخل المسجد فيقصر الوصف عما فيه من ضروب الزينة وصنوف الفن:
Page inconnue