الفصل الثاني
المساجد الجامعة
في مقدمة المباني العامة التي عني بها القوم الإكثار من إقامة المعابد، وأول مسجد جامع أقيم في مدينة المنصور هو المسجد الذي أنشأه المنصور لنفسه ملاصقا لقصره الكبير المعروف بقصر الذهب؛ جريا على عادة أهل ذلك الزمان في جعل المساجد ملاصقة لدور الإمارة، وكانت مساحته مائتي ذراع في مائتين على نمط مساجد الكوفة والبصرة وواسط. وكان في أول الأمر مبنيا باللبن والطين إلى أن كان عهد الرشيد؛ فأمر بنقضه وإعادة بنائه بالآجر والجص مع زيادة في مساحته. وقد تم ذلك سنة 192 ثم ألحق به ديوان المنصور سنة 261، ثم أضاف إليه المعتضد بالله قصر المنصور، وبقي هذا المسجد عامرا إلى العصر الثامن الهجري. فقد ذكر ابن بطوطة في سنة 727 أن هذا المسجد لا يزال قائما تقام فيه الجمع، ثم لم يرد له ذكر بعد ذلك ولا أثر له اليوم؛ مما يظهر أنه اندثر على عهد الحكومات التي توالت على بغداد بعد حكومة المغول.
مسجد الرصافة:
ولما أنشأ المنصور قصر الرصافة في الجانب الشرقي ألحق به مسجدا جامعا، وفي خلافة المهدي صارت تقام فيه الجمع، ولم تكن تقام الجمع في بغداد يومذاك إلا في مسجد المنصور ومسجد الرصافة إلى وقت خلافة المعتضد.
مسجد دار الخلافة:
عندما انتقل الخليفة المعتضد إلى القصر الحسني (الذي عرف بقصر الخلافة على ما سيأتي) أذن للناس بإقامة الجمعة داخل هذا القصر، فكان يؤذن للمصلين في الدخول وقت الصلاة ويخرجون عند انقضائها، فلما استخلف المكتفي سنة 289 ترك القصر وأمر أن يقام فيه مسجد جامع يصلي فيه الناس، وكان الناس يبكرون إلى المسجد الجامع في الدار أيام الجمع، فلا يمنعون من دخوله ويقيمون فيه إلى آخر النهار، واستقرت صلاة الجمعة ببغداد في المساجد الثلاثة إلى وقت خلافة المتقي.
مسجد براثا:
كان في براثا مسجد تقام فيه الصلاة، ولما كانت خلافة المقتدر أمر بهدمه عندما بلغه أن ناسا يجتمعون فيه للخروج عن الطاعة، وبقي خرابا إلى سنة 328، فأمر الأمير بإعادة بنائه وتوسعته وإحكامه، ووسع فيه ببعض مما ابتيع له من أملاك الناس، وكتب في صدره اسم الراضي بالله، وكان الناس ينتابونه للصلاة فيه والتبرك به؛ لأنهم يرون أنه أقيم على موضع صلى فيه الإمام علي - رضي الله عنه - عند منصرفه من حرب الخوارج، ثم أمر المتقي بالله بنصب منبر فيه، وأول جمعة أقيمت فيه كانت في جمادى الأولى سنة 329، ثم توالت صلاة الجمعة فيه، وصار أحد مساجد الحضرة.
مسجد قطيعة أم جعفر:
Page inconnue