أستودع الله في بغداد لي قمرا
بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته وبودي لو يودعني
صفو الحياة وأني لا أودعه
قال ابن جبير في رحلته عند الكلام على بغداد يصف أهلها: «قد تصور كل منهم في معتقده وخلده أن الوجود كله يصغر بالإضافة إلى بلده، فهم لا يستكرمون في معمور البسيطة مثوى غير مثواهم، كأنهم لا يعتقدون أن لله بلادا أو عبادا سواهم.»
شذور من أقوال أهل الفضل فيها نظما ونثرا
لو حاول أديب أن يجمع ما ورد من ثناء أهل الفضل على بغداد نثرا ونظما لحصل بيده مجموع طريف في بابه، وقد رأينا أن نحلي مختصرنا هذا بشذور من ذلك لتكون كالنموذج لما وراءها.
شذور المنثور: قال الإمام الشافعي ليونس بن عبد الأعلى: «يا يونس، أدخلت بغداد؟» قال: لا. قال: «ما رأيت الدنيا ولا رأيت الناس.» وكان الشافعي يقول: «ما دخلت بلدا قط إلا عددته سفرا، إلا بغداد فإني حين دخلتها عددتها وطنا.» وقيل لأحد الفضلاء: كيف رأيت بغداد؟ قال: «الأرض كلها بادية وبغداد حاضرتها.» وكان أبو بكر بن عياش يقول: «الإسلام ببغداد، وإنها لصيادة لعظماء الرجال، ومن لم يرها لم ير الدنيا.» وقال أبو معاوية: «بغداد دار دنيا وآخرة.»
وكان يقال : «من محاسن الإسلام يوم الجمعة ببغداد، وصلاة التراويح بمكة، ويوم العيد بطرسوس.» وكان يقال: «يوم الجمعة ببغداد كيوم العيد في غيرها من البلاد.»
وقال الجاحظ: «الصناعة بالبصرة، والفصاحة بالكوفة، والخير ببغداد، والتجارة بمصر.»
Page inconnue