Badr Munir
البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير
Genres
وروى أبو عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وعنهم أجمعين أنه قال: "إن الله تبارك وتعالى حين شاء تقدير الخليقة وذرأ البرية وابتداع المبتدعات نصب الخلق في صورة كالها قبل دحو الأرض ورفع السماء وهو في انفراد ملكوته وتوحد جبروته فأشاح نورا من نوره [25ب] فلمع ومرج، فنشأ من ضيائه وسطع، ثم اجتمع النور في وسط تلك الصورة الخفية فوافق ذلك صورة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله عز وجل: أنت المختار المنتخب وعندك مستودع نوري وكنوز هدايتي، من أجلك أسطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار وأنصب أهل بيتك للهداية وآتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، ولا يغيب عنهم خفي وأجعلهم حجة على بريتي، والمنبهين على قدرتي ووحدانيتي، ثم أخذ الله الشهادة عليهم بالربوبية والإخلاص وبالوحدانية، فبعد أن أخذها أخذ من ذلك شامة بيضاء من الخلق انتخاب محمد وآله، وأراهم أن الهداية معه، والنور له، والإمامة في آله تقديما بسنة العدل وليكون الاعتدال متقدما، ثم أخفى الله تعالى الخليقة وغيبها في مكنون علمه، ثم نصب العوالم وبسط الزمان وموج الماء وأثار الزبد، وأهاج الدخان، وطفا عرشه على الماء، وسطح الأرض على ظهر الماء، ثم أنشأ الله الملائكة من أنوار ابتدعها، وأرواح اخترعها، وقرن توحيده بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فشهرة في السماء قبل بعثته في الأرض، فلما خلق آدم أبان فضله للملائكة، وأراهم ما خصه به من سابق العلم من حيث عدمهم عند استثنائه إياه أسماء الأشياء، فجعل الله آدم محرابا وكعبة، وبابا وقبلة أسجد إليها الأبرار والروحانيين الأنوار، ثم نبه آدم على مستودعه، وكشف له حظر ما أتمنه عليه بعد أن سماه إماما عند الملائكة، وكان حظ آدم من الخير ثناؤه بمستودع نورنا، ولم يزل الله عز وجل يخبئ النور تحت الزمان إلى أن وصل محمد صلى الله عليه وآله وسلم في ظاهر الفترات، ودعا الناس باطنا وظاهرا، وندبهم سرا وإعلانا، واستدعى عليه السلام العهد الذي قدمه الله إلى الذر وقبل النسل، فمن وافقه وقبس من سراج النور المتقدم اهتدى إلى سره، واستبان واضح أمره، ومن أبلسته الغفلة استوجب السخط، ثم انتقل النور إلى غرائزنا، ولمع في أئمتنا، فنحن أنوار السماء وأنوار الأرض، فبنا النجاة ومنا مكنون العلم، وإلينا مصير الأمر، وعهد بنا بقطع الحجج خاتم الأئمة، ومنقذ الأمة، وغاية النور، ومصدر الأمور، فنحن أفضل المخلوقين، وأفضل الموحدين، وحجج رب العالمين، فلتهني النعمة من تمسك بولايتنا، وقبض عروتنا وغيرها، كآية الاصطفاء، وآية : {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه...الآية إلى آخرها}(1) وغيرها من الآيات.
Page 116