{لم يلد} أي: ليس أحد ولدا له تعالى، لأن الولد من جنس الوالد والله وتعالى[2ب] فلا جنس له، إذ ليس يماثل تعالى الأشياء التي هي غيره من المخلوقين؛ إذ لو ماثلها تعالى لكان لازما له تعالى ما لزمها من الحدث، وكان لا ينفك عن ملازمة شئ من الأعراض التي نشاهد أن الأجسام ملازمة لها، والأعراض فهي محدثة بتيقن المشاهدة لأنا رأيناها توجد وتعدم ولا يخلى الجسم عنها كلها، وما وجد بعد عدم كالحركة توجد بعد السكون والسكون بعدها، ولا يرتفعان جميعا عن الجسم، وكذلك الصحة والسقم، والموت والحياة بالروح والألوان لا ترتفع كلها ولا تلازم الجسم في كل وقت كلها، بل يحدث ويزول ولا ينفك الجسم عنها كلها، وما اقترن بالمحدث ولم يتخلف عنه؛ فهو محدث مثله عند جميع العقلاء؛ فلو أن الله تعالى أشبه الأجسام أو الأعراض لجاز ووجب عليه ما جاز ووجب عليها فيما ذكرنا لك ولكان محدثا مثلها، وقد ثبت بالدلالات القاطعة والمشاهدات الحسية أنها لا تحدث جميعها بنفسها؛ لأن أصلها عدم، والعدم لا تأثير له في شئ ولا يقدر على إحداث مثلها ولا تبدل ألوانها؛ فلو كان الله تعالى مماثلا لها في جسميتها أو عرضيتها لاحتاج إلى محدث كما احتاجت ولكان للمخلوقين محدث غيره؛ لأنه إذا كان تعالى مثلها عجز كما عجزت فثبت بما تقرر في العقل، والسمع أن الله تعالى لا يشبه الأشياء؛ فليس تعالى بجسم ولا عرض، بل هو شئ لا يشبه الأشياء.
Page 8