Badr Munir
البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير
Genres
فصل فإن كان المحل مختلف وكله في النفوس المحرمة من الناس وجب النهي عن المنكر ولو أدى إلى أنكر في غير محله في النفوس المحرمة من الناس؛ لأنه لا يستنقذ إهلاك نفس بمضرة نفس ولا تباح مضرة نفس بصيانة نفس أخرى من الهلاك وذلك مثل أن تنهي زيدا عن قطع يد بكر؛ فيؤدي نهيك له إلى قتل خالد؛ فيجب النهي وإثم خالد على الفاعل، ولا يسقط النهي لقوله تعالى: {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}(1) ولأنه لا جرم يوجب قطع يد زيد ليسلم عمرو الهلاك، وقد قال تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}(2) إلا أن يكون المحل الثاني نبيا أو إماما أو عالما من عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وذريته صلى الله عليه وآله وسلم أو مؤمنا منهم أو عالما من غيرهم تكون فيه مصلحة عامة، وصاحب المحل الآخر الذي أدى النهي عنه إلى قتل ذلك العالم دون ذلك العالم بل هو من أحد المؤمنين ليس عنده علم تحصل به مصلحة، فيجب ترك النهي عنه إذا علم الناهي عنه أنه يؤدي إلى هلاك ذلك النبي أو الإمام أو العالم لقوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}(3) وللأئمة وعلماء آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم خلفاؤه ولذا قال صلى الله عليه وآله وسلم ((العلماء خلفاء الأنبياء))(4) وقال صلى الله عليه وآله وسلم في ذريته وعترته -عليهم السلام: ((فاحفظوا منهم ما تحفظون مني))(1) فلهم مثل ما له في هذه الخصلة، وذلك إجماع.
Page 277