من باسم باك إلي ... ك ند، وباك وهو باسم
وقال الوزير أبو عامر بن مسلمة يصفه بوصف أبدع فيه وأغرب، وأنبأ عن حذقه وأعرب، أنشدنيه موصولا بوصف الحاجب_أدام الله عزه ووصل حرزه_وهو: [السريع]
أهلا وسهلا بوفود الربيع ... وثغره البسام عند الطلوع
كأنما أنواره حلة ... من وشي صنعاء السري الرفيع
أحبب به من زائر زاهر ... دعا إلى اللهو فكنت السميع
بث على الأرض درانيكه ... فكل ما تبصر منها بديع
كأنما الحاجب ذو المن وال ... إحسان إسماعيل مولى الجميع
أهدى إليه طيب أخلاقه ... فنحن منها دهرنا في ربيع
لا زال يبقى سالما ما دعت ... قمرية في فنن ذي فروع
قال أبو بكر عبادة بن ماء السماء يصفه بأوصاف بديعة، وتشبيهات رفيعة، وبدأ بذكر السحابة: [الرمل]
ولعوب عشقت روض الثرى ... فهي تأتيه على طول البعد
فيرى الروض إذا ما وصلت ... أرج العرف من الطيب الجسد
عطرا ملتبسا ملتحفا ... في سرابيل من الحسن جدد
كمحب زار محبوب له ... فتحلى للقاه واستعد
وإذا ما ودعت أبصرتها ... في نحول العاشق الصب الكمد
تلحظ النور بلحظ فاتر ... مثل جفن حائر فيه رمد
وجفون النور تهمي بالبكا ... كجفون الصب من فقد الجلد
فهما في حيرة عند النوى ... كمحبين أحسا بالبعد
ولأبي بكر أيضا قطعة بديهية وهي: [البسيط]
أما ترى باكر النور الذي نجما ... كأنه آيب من غيبة قدما
والقطر ساق له والبرق يعجله ... سقياه فعلة داعي الشرب بالندما
كأنه سلك درٍّ حل، أو كلف ... بكى فلما دنا محبوبه ابتسما
كأن مبدئه في الأفق منتثرا ... أعاده في أنيق الروض منتظما
فلا ترد على الساقي حكومته ... فإن دين الهوى راض بما حكما
أشار إلى حسن الساقي في آخر بيت. وأحسن منها مجتلى، وأطيب مجتنى في هذا المعنى ما أنشدنيه لنفسه الفقيه أبو الحسن بن علي ممتزجا، يمدح الوزير أبا بكر عبد الله بن ذي الوزارتين القاضي_أعزهما الله_وهو: [السريع]
قد قلت للروض، ونواره ... نوعان تبري وتفضي
وعرفه مختلف، طيبه ... صنفان خمري ومسكي
ووجه عبد الله قد لاح لي ... وهو من البهجة دري
شم غرسك الأرضي إن الذي ... أبصرته غرس سماوي
حسنك نوري بلا مرية ... وحسن عبد الله نوري
أضحى صغيرا وهو في قدره ... نيلا كبير الشأن علوي
قوله: "شم" أمر من شام يشيم إذا سل وأغمد، من الأضداد، وهو ها هنا الإغماد، ومعنى القطعة أنيق، ومغزاها دقيق ومن الصفات المطبوعة، في الكلمات المصنوعة، قطعة لأبي الحسن أيضا أنشدنيها وهي: [المتقارب]
وقفت على الروض في يوم طش ... وللدجن ظل كظل من نمش
وقد صقل الطل نواره ... وأذهب ما فوقه من نمش
فما غصن يشتكي عطلة ... ولا شجر يتشكى عطش
ترى النبت صنفين من بهجة ... فمن مستقل ومن منفرش
ومن لابس ثوب طاووسة ... ومن مترد بوشي الحنش
وفص من النور لم ينتقش ... وثان لطبع المنى قد نقش
جمال يحير لب الفتى ... ويكسبه من شرور دهش
ومن النهاية في الحسن والإحسان قول أبي عبد الله محمد بن سليمان المعروف بابن الحناط: [في قصيد أوله]: [الكامل]
راحت تذكر بالنسيم الراحا ... وطفاء تكسر للجنوح جناحا
يعني السحاب، ثم خرج من وصفها بعد أبيات إلى وصف الروض، فقال:
جادت على التلعات فاكتست الربا ... حللا أقام لها الربيع وشاحا
فانظر إلى الروض الأريض وقد غدا ... لبكا الغوادي ضاحكا مرتاحا
والنور يبسط نحو ديمتها يدا ... أهدى لها ساقي الندى أقداحا
وتخاله حيى الحيا من فوحه ... بذكيه فإذا سقاه فاحا
وأخبرني الفقيه أبو الحسن بن علي قال: كان في داري بقرطبة حائر صنع فيه مرج بديع وظلل بالياسمين، فنزهت إليه أبا حفص التدمري في زمن الربيع، فقال: ينبغي أن تسمي هذا المرج السندسة، وصنع على البديهة أبياتا تشاكل هذا الباب [وتطابق غرض الكتاب وهي]: [المتقارب]
نهار نعيمك ما أنفسه ... وربع سرورك ما آنسه
1 / 4