384

Badhl

بذل النظر في الأصول

Enquêteur

الدكتور محمد زكي عبد البر

Maison d'édition

مكتبة التراث

Édition

الأولى

Année de publication

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

Lieu d'édition

القاهرة

فثبت بما ذكرنا أنه لا يشترط في وقوع العلم بالتواتر، أن يكون المخبرون كلهم مؤمنين أو بعضهم مؤمنين، لأن خبر المخبرين إنما يوجب العلم، لأنه لا داعي لهم إلى الكذب، ولا لبس فيما أخبروا عنه، ومجموع هذين الشرطين يمكن حصوله في الكفار، ولأن أهل بلاد الكفر يعرفون بتواتر أهل مقالاتهم في طلبهم، ويعرفون أحوال البلدان كما نعرفه نحن، فلا معنى لاشتراط الإيمان.
فإن قيل: يلزم هذا صدق النصارى في نقل التثليث عن عيسى ﵇ وصدقهم في قتله- قلنا: أما الثليث فلم ينقلوه عن عيسى ﵇ بنص صريح لا يحتمل التأويل، لكنهم توهموا ذلك بألفاظ موهمة اتفقوا عل معناها، كما فهم المشبهة من آيات وأخبار لم يفهموا معناها، والتواتر ينبغي أن يصدر عن محسوس، كما ذكرنا. وأما قتل عيسى ﵇، كما قال الله تعالى: ﴿وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾.
فإن قيل: لا يجوز التشبيه في المحسوس، ولو جوزنا ذلك لشك كل واحد منا في زوجة وولده إذا رآهما، فلعله شبه لهم- قلنا: يجوز ذلك في زمان خرق العادة، وهو زمان النبوة، لإثبات صدق النبي ﵇، وذلك لا يورث الشك في غير ذلك الزمان، إذ لا خلاف في قدرة الله تعالى على قلب العصا حية،

1 / 390