184

Les merveilles

البدائع

Genres

أطباء الشعب

جلس جماعة يسمرون في بعض الأندية، وكان فيهم فتى يشكو ألما في الأمعاء، فبدا لهم أن يسألوه عما يتلوى منه - في أكثر اللحظات - فرأى أن يسألهم هو عن طبيب يصف له - وجها لوجه - ما يقاسيه من علة وما يعانيه من بلاء.

قال قائل منهم لو ذهبت إلى الدكتور فلان لاستأصل منك الداء، وقال آخر: بل الدكتور فلان أبصر بمواقع الأدواء، قال ثالث: فلان خير منهما جميعا؛ لأنه فضلا عن مساواته لهم في الخبرة والكفاءة؛ يمتاز بالتساهل في تقدير متاعب العلاج؛ إذ لا يطلب أكثر من أربعين جنيها في العملية الجراحية، وقد يتسامح فيقبل من الفقير خمسة وثلاثين، فأما صاحب العزة فلان فإنه يأخذ جنيها في كلمة يفوه بها جوابا على سؤال المريض، وقد لا يرضيه الأجر بعد ذلك فيرفض محاربة الداء.

قال صاحبنا - وهو يكاد يتميز من الغيظ: ويحكم! لست أسأل عن هؤلاء، إنما أسأل عن أطباء الشعب، أما من ذكرتم فهم أطباء العائلات، قال بعض الحاضرين: يبدو من هذا الفرق في الوصف أنك خبير بطبقات الأطباء، قال المسكين: لا والله، ولكن سمعت جودت بك يقول لرفيقه فهمي بك: أرسل لي طبيبكم الخاص؛ فقد طردنا طبيبنا بالأمس، فعلمت أن هناك أطباء يطردون كما يطرد الخدم، وغلب على ظني أنهم من هذا الصنف الذي تقولون: إنه «غالي جدا» في تقدير متاعب العلاج، فأما أطباء الشعب فهم أمثال حضرة الدكتور محمد عبد الحي الذي يعالج العمال مجانا، ويمشي بنفسه لإسعاف الفقراء.

حبر على ورق

تسمع أن في مصر أندية، فيبدو لك أن تؤم واحدا من تلك الينابيع التي يتفجر منها العلم والأدب، فلا يكاد يطمئن بك المجلس حتى تعرف أن ليس فيها غير اللهو واللعب، فإذا سألت: ألا توجد محاضرات عامة في الأدب والأخلاق؟ نظر إليك السكرتير نظرة مريبة ثم قال: كيف لا وهذا قانون النادي يحتم على المنتدين إلقاء الخطب والمحاضرات في الآداب والفنون، ثم رجع يقدم لك لائحة فيها ما تشتهي الأنفس من نوازع الآمال وخواطر الأماني، فتعلم أن النادي يقول ما لا يفعل ويكتب ما لا يقول.

وكذلك الحال في الأزهر الشريف (قانون مطبوع على ورق أبيض صقيل، ومواد منظمة كأسنان المشط، وآمال طوال عراض، وحقوق وواجبات، وعقوبات ومكافآت، وإرشادات وملاحظات ومذكرات وتقريرات).

ثم تبحث عن ثمرة ذلك كله في نفوس الطلبة والعلماء فلا تجد شيئا.

التطور الحديث

الابن :

Page inconnue