Les merveilles des bienfaits
بدائع الفوائد
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Hadith
بما قرب كالأصوات وهمس الحركات فإن من سمع حسك وخفي صوتك أقرب إليك في العادة ممن يقال لك أنه يعلم وإن كان علمه تعالى متعلقا بما ظهر وبطن وواقعا على ما قرب وشطن ولكن ذكر السميع أوقع في باب التخويف من ذكر العليم فهو أولى بالتقديم وأما تقديم الغفور على الرحيم فهو أولى بالطبع لأن المغفرة سلامة والرحمة غنيمة والسلامة تطلب قبل الغنيمة وفي الحديث أن النبي قال: لعمرو بن العاص " أبعثك وجها يسلمك الله فيه ويغنمك وأرغب لك رغبة من المال " صحيح فهذا من الترتيب البديع بدأ بالسلامة قبل الغنيمة وبالغنيمة قبل الكسب وأما قوله: ﴿وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾ فالرحمة هناك متقدمة على المغفرة فإما بالفضل والكمال وإما بالطبع لأنها منتظمة بذكر أصناف الخلق من المكلفين وغيرهم من الحيوان فالرحمة تشملهم والمغفرة تخصهم والعموم بالطبع قبل الخصوص كقوله: ﴿فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ وكقوله: ﴿وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ ومما قدم بالفضل قوله: ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ لأن السجود أفضل وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فإن قيل فالركوع قبله بالطبع والزمان والعادة لأنه انتقال من علو إلى انخفاض والعلو بالطبع قبل الانخفاض فهلا قدم الركوع الجواب أن يقال: انتبه لمعنى الآية من قوله: ﴿وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ ولم يقل اسجدي مع الساجدين فإنما عبر بالسجود عن الصلاة وأراد صلاتها في بيتها لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها مع قومها ثم قال لها: ﴿اركعي مع الراكعين﴾ أي صلي مع المصلين في بيت المقدس ولم يرد أيضا الركوع وحده دون أجزاء الصلاة ولكنه عبر بالركوع عن الصلاة كما تقول: ركعت ركعتين وأربع ركعات يريد الصلاة لا الركوع بمجرده فصارت الآية متضمنة لصلاتين صلاتها وحدها عبر عنها بالسجود لأن السجود أفضل حالات العبد وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها ثم صلاتها في المسجد عبر عنها بالركوع لأنه في الفضل دون السجود وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها وحدها في بيتها ومحرابها وهذا نظم بديع
1 / 64