Les merveilles des bienfaits
بدائع الفوائد
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Hadith
الفقهاء أن الاستثناء لا ينفع في الطلاق لأنه إذا قال أنت طالق ثلاثا إلا واحدة فقد أوقع الثلاثة ثم رفع منها واحدة وهذا مذهب باطل فإن الكلام مبني على آخره ترتبط أجزاؤه بعضها ببعض كارتباط التوابع من الصفات وغيرها بمتبوعاتها والاستثناء لا يستقل بنفسه فلا يقبل إلا بارتباطه بما قبله فجرى مجرى الصفة والعطف ويلزم أصحاب هذا المذهب أن لا ينفع الاستثناء في الإقرار لأن المقر به لا يرفع ثبوته وفي إجماعهم على صحته دليل على إبطال هذا المذهب وإنما احتاج الجرجاني إلى ذكر الفرق بين أن يقف أو يصل لأنه إذا وقف عتق العبد ولم ينفعه الاستثناء وإذا وصل لم يعتق فدل على أن الفرق بين وقوع العتق وعدمه هو السكوت والوصل هو المؤثر في الحكم لا تقدم الجزاء وتأخره فإنه لا تأثير له بحال كما ذكره ابن السراج أنه إنما يأتي في الضرورة ليس كما قال فقد جاء في أفصح الكلام وهو كثير جدا كقوله تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ وقوله: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ وقوله: ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وهو كثير فالصواب المذهب الكوفي والتقدير إنما يصار إليه عند الضرورة بحيث لا يتم الكلام إلا به فإن كان الكلام تاما بدونه فأي حاجة بنا إلى التقدير وأيضا فتقديم الجزاء ليس بدون تقديم الخبر والمفعول والحال ونظائرها فإن قيل الشرط له التصدير وصفا فتقديم الجزاء عليه يخل بتصديره قلنا: هذه هي الشبهة التي منعت القائلين بعدم تقديمه وجوابها إنكم إن عنيتم بالتصدير أنه لا يتقدم معموله عليه والجزاء معمول له فيمتنع تقديمه فهو نفس المتنازع فيه فلا يجوز إثبات الشيء بنفسه وإن عنيتم به أمرا آخر لم يلزم منه امتناع التقديم ثم نقول الشرط والجزاء جملتان قد صارتا بأداة الشرط جملة واحدة وصارت الجملتان بالأداة كأنهما مفردان لشبههما بالمفردين في باب الابتداء والخبر فكما لا يمتنع تقديم الخبر على المبتدأ فكذلك تقديم الجزاء فالجزاء هو المقصود والشرط قيد فيه وتابع له
1 / 51