35

Badāʼiʻ al-silk fī ṭabāʼiʻ al-mulk

بدائع السلك في طبائع الملك

Chercheur

علي سامي النشار

Maison d'édition

وزارة الإعلام

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1398 AH

Lieu d'édition

العراق

يتناسى بطول الزَّمَان وَذَهَاب أهل الْعلم بِهِ فيخفي على الكثيرين شَهَادَة وَاقع قَالَ وَمَا زَالَت الْأَنْسَاب تسْقط من شعب إِلَى شعب ويلتحم قوم بِآخَرين فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَالْعرب والعجم قَالَ وَمِنْه شَأْن بجيلة فِي عرْفجَة بن هثمة لما ولاه عمر ﵁ عَلَيْهِم فَسَأَلُوهُ الإعفاء مِنْهُ وَقَالُوا هُوَ فِينَا نزيف أَي دخيل ولصيق وطلبوا أَن يُولى عَلَيْهِم جَرِيرًا فَسَأَلَهُ عمر ﵁ عَن ذَلِك فَقَالَ عرْفجَة صدقُوا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا رجل من الأزاد أصبت دَمًا فِي قومِي وَلَحِقت بهم قَالَ وَانْظُر مِنْهُ كَيفَ اخْتَلَط عرْفجَة ببجيلة وَلبس جلدتهم حَتَّى ترشح للرياسة عَلَيْهِم لَوْلَا علم بَعضهم بوشائجه وَلَو غفلوا عَن ذَلِك وامتد الزَّمَان لتنوسى بِالْجُمْلَةِ وعد مِنْهُم بِكُل وَجه فَافْهَم وَاعْتبر سر الله فِي خلقه وَمثل هَذَا كثير لهَذَا الْعَهْد وَلما قبله السَّابِقَة الْعشْرُونَ إِن جيل الْعَرَب فِي الخليقة طبيعي وَبَيَانه أَن المعاش الطبيعي الَّذِي اقْتصر أهل البدو على الضَّرُورِيّ مِنْهُ أَصْنَاف ثَلَاثَة أَحدهمَا الزِّرَاعَة وَالْمقَام لأَجلهَا وَلَو فِي الغيران والكهوف أولى من الظعن فضلا عَن سُكْنى المداشر والقرى كَمَا عَلَيْهِ عَامَّة البربر والأعاجم الثَّانِي سَائِمَة الْغنم وَالْبَقر والظعن لارتياد مسارحها ومواردها أولى من الْمقَام وأربابها يسمون شاوية أَي قائمون على الشاه وَالْبَقر وَلَا يبعدون فِي القفار إِذْ لَا مسارح فِيهِ طيبَة وهم كالترك والصقالبة الثَّالِث الْإِبِل والظعن لأَجلهَا أبعد فِي القفر مجالا لعدم استغنائها

1 / 66