33

Badāʼiʻ al-silk fī ṭabāʼiʻ al-mulk

بدائع السلك في طبائع الملك

Chercheur

علي سامي النشار

Maison d'édition

وزارة الإعلام

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1398 AH

Lieu d'édition

العراق

قَالَ ابْن خلدون فان كَانَ فِي الْمصر ملك كَانَت طاعتهم لغَلَبَة الْملك وَإِلَّا فَلَا بُد فِيهِ من رياسة وَإِلَّا انْتقصَ عمرانه وَذَلِكَ الرئيس يحملهم على طَاعَته طَوْعًا ببذل المَال لَهُم وعَلى أَن يُبِيح لَهُم مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي مصره فيستقيم عمرانهم أَو كرهاإن تمت قدرته على ذَلِك وَلَو بالتضريب بَينهم حَتَّى يحصل لَهُ جَانب مِنْهُم يغالب بِهِ البَاقِينَ فيضطر الْآخرُونَ إِلَى طَاعَته بِمَا يتوقعون لذَلِك من فَسَاد عمرانهم وَرُبمَا لَا يسعهم التَّحَوُّل عَن تِلْكَ النواحي لعمران كل الْجِهَات بِمن غلب عَلَيْهَا ومنعها من غَيره وَحِينَئِذٍ فَلَا ملْجأ لَهُم إِلَّا طَاعَة الْمصر فهم بِالضَّرُورَةِ مغلوبون لأهل الْأَمْصَار وَالله القاهر فَوق عباده السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة أَن الصَّرِيح من النّسَب إِنَّمَا يُوجد للمتوحشين فِي القفر من الْعَرَب وَمن فِي معناهم لِأَن مقامهم بالقفر الَّذِي دعاهم إِلَى التوحش فِيهِ قيامهم على الْإِبِل مَانع لمن سواهُم من النُّزُوع إِلَيْهِم مُنْضَمًّا لما فِيهِ من نكد الْعَيْش وشظف الْحَال فَيُؤمن عَلَيْهِم بذلك من اخْتِلَاط النّسَب وفساده فَلَا يزَال فيهم صَرِيحًا مَحْفُوظًا اعْتِبَار قَالَ ابْن خلدون وَاعْتبر ذَلِك فِي مُضر من قُرَيْش وكنانة وَثَقِيف وَبني أَسد وهذيل وَمن جاورهم من خُزَاعَة لما كَانُوا أهل شظف وموطن غير ذَات زرع وَلَا ضرع كَانَت أنسابهم صَرِيحَة لم يدخلهَا اخْتِلَاط وَلَا عرف فِيهَا شوب وَالْعرب الَّذين كَانُوا بالتلول فِي معادن الخصب من حسير وكهلان كلخم وجذام وغسان وطي وقضاعة وإياد اخْتلطت أنسابهم وتداخلت شعوبهم فَفِي كل وَاحِد من بُيُوتهم من الْخلاف مَا قد علمت وَإِنَّمَا جَاءَهُم ذَلِك من قبل

1 / 64