Résurrection et Rassemblement
استدراكات البعث والنشور
Enquêteur
أبو عاصم الشوامي الأثري
Maison d'édition
مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٦ هـ
Lieu d'édition
الرياض - المملكة العربية السعودية
أَنَّ رَسولَ الله ﷺ دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَة لِأُمَّتِهِ بِالمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ، فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ، فَأَجَابَه اللهُ ﷿ أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ، إِلَّا ظُلْم بَعْضِهِم بَعْضًا، فَأَمَّا ذُنُوبهم فِيمَا بَيني وبَيْنَهم فَقَد غَفَرْتها، قال: أَيْ رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أن تُثِيبَ هَذَا المَظلُوم خَيرًا مِن مَظْلَمَتِهِ، وتَغفر لِهذَا الظَّالِم، فَلم يُجِبْهُ تِلك العَشِيَّة، فَلَمَّا كَانَ غَدَاة المُزْدَلِفَة أَعَادَ الدُّعَاءَ، فَأجَابَه الله ﷿ قَد غَفَرتُ لَهُم، ثم تَبَسَّم رَسولُ الله ﷺ، فقال لَه بَعضُ أَصْحَابِهِ: يا رسول اللهِ، تَبَسَّمتَ في سَاعَة لَم تَكُن تَبَسَّم فيها، فقال: تَبَسَّمتُ مِن عَدُوِّ اللهِ إِبْلِيسَ؛ إِنَّه لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللهَ قَد اسْتَجَابَ لِي في أُمَّتِي، أَهْوَى يَدعُوا بِالْوَيْلِ والثُّبُورِ، ويَحْثُوا التُّرابَ عَلَى رَأْسِهِ» (١).
لَفْظُ حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ.
قال الشَّيخُ: ويُحْتَمَل أن تكونَ الإجابةُ إلى المَغْفِرَة بعد أن يُذيقَهُم شَيئًا من العَذابِ، دُونَ الاسْتِحْقَاق، فَيكون الخَبَرُ خَاصًّا في وَقتٍ دُونَ وَقْت، ويُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ الإجَابَةُ إلى المَغْفِرَةِ لِبَعْضِهِم، فيكون الخَبر خَاصًّا في قَوْمٍ دونَ قَوْم، ثُم مَنْ لا يَغْفِر له يُذِيقه مِنَ العَذَاب بِما كَسَب، ويُحْتَمَل أَنْ يكونَ عَامًّا، ونَصُّ الكِتَابِ يَدُلُّ عَلى أَنَّه مُفَوَّضٌ إِلى مَشِيئَةِ اللهِ حَيثُ قال: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، فلا ينبغي لمسلمٍ أَن يَغُرَّ نَفسَه، فَإنَّ المَعْصِيةَ شُؤْمٌ، وخِلاف الجَبَّارِ في أَوَامِرهِ ونَوَاهِيهِ عَظِيمٌ، وأَحَدُنا لا يَصْبِر عَلى حُمى يَوم، أَو وَجَعِ سَاعَة، فَكيفَ يَصبر عَلى عَذَابٍ أَلِيم وعِقَابٍ شَدِيد، لا يَعلمُ وَقْتَ نهايَتِه إلا اللهُ، وإن كان قَد وَرَد خبر الصَّادِقِ بِنهايته دُون بَيانِ وَقْتِهِ، مَتى مَا كان مؤمنًا، وبالله التوفيق.
(١) أخرجه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (٧/ ٢١٤)، عن أبي خليفة الفضل ابن الحباب، به .. وأخرجه أبو داود (٥٢٣٤)، عن أبي الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وأخرجه ابن ماجه (٣٠١٣)، من طريق عبد القاهر، به.
1 / 296