La Porte des Cent Leçons

al-ʿAllamat al-Hilli d. 726 AH
129

على معنيين آخرين : أحدهما أن يصير شيء ما شيئا آخر بطريق الاستحالة فى ذاته أو صفته الحقيقية كما يقال صار الماء هواء أو صار الأسود أبيض وثانيهما أن يصير شيء بانضمام شيء آخر إليه حقيقة واحدة بحيث يكون المجموع شخصا واحدا حقيقيا كما يقال : صار التراب طينا والكل محال فى حقه تعالى. أما الأول ، فلامتناعه فى الواجب والممكن مطلقا وقد ادعوا أنه مما يحكم به بديهة العقل ، وما يذكر فى توضيحه إنما هو من قبيل التنبيهات فالمناقشة لا يجدى كثير نفع. وأما الثاني ، فلأن الاستحالة الذاتية تستلزم انتفاء الذات ، وهو ينافى الوجوب الذاتي قطعا. والاستحالة الوصفية تستلزم تبدل الصفة الحقيقية وهو مستلزم للنقص فى ذاته تعالى مع كونه منزها عن ذلك إجماعا. وأما الثالث ، فلأنه إن لم يكن شيء من الواجب وما انضم إليه حالا فى الآخر امتنع أن يتحصل منهما حقيقة واحدة بالضرورة ، وإن كان أحدهما حالا فى آخر ، فإن كان الواجب حالا يلزم احتياجه إلى الغير وهو محال ، وإن كان الآخر حالا فيه لكان الحال عرضا ضرورة استغناء المحل لكونه واجبا ، ولا يحصل من العرض ومحله حقيقة واحدة حقيقية بل ماهية اعتبارية.

اقول : فيه نظر ، أما أولا ، فلأنا لا نسلم أن تبدل صفته الحقيقية يستلزم النقص فى ذاته وسيجيء تفصيله. وأما ثانيا ، فلأنا لا نسلم أنه لو لم يكن احدهما حالا فى الآخر امتنع أن يتحصل منهما حقيقة واحدة حقيقية ، ولو سلم فيجوز أن يكون الواجب حالا ولا يلزم احتياجه فى الوجود إلى الغير ، إذا الحلول لا يستلزم احتياج الحال إلى المحل فى الوجود على ما قالوا فى حلول الصورة والهيولى ، ولو سلم فيجوز أن يكون الحال عرضا ، والحكم بأنه لا يتحصل من العرض ومحله حقيقة واحدة حقيقية ممنوع على ما قالوا فى السرير انه مركب من القطع الخشبية والهيئة الاجتماعية التي هى عرض هذا. والظاهر أن المراد من الاتحاد هاهنا هو الاتحاد الحقيقى ومعنى قوله

** لامتناع الاتحاد مطلقا

البديهة ، فيلزم امتناعه فى حقه تعالى بطريق الأولى ، وحمل الاتحاد على الأعم من المعنى الحقيقى والمعنيين

Page 135