1
عليه إخوته الذين يعملون جميعا ويكسبون، وكان قد ذهب إلى الكتاب في صباه فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ سورا من القرآن لم يلبث أن نسيها، فلما ضاقت به الحياة وضاق بها أقبل إلى سيدنا فشكا إليه أمره، قال له سيدنا: فتعال هنا فكن عريفا، عليك أن تعلم الصبيان القراءة والكتابة وتلاحظهم وتمنعهم من العبث، وتقوم مقامي متى غبت، وعلي أن أقرئهم القرآن وأحفظهم إياه، وعليك أن تفتح الكتاب قبل أن تطلع الشمس، وتشرف على تنظيفه قبل أن يحضر الصبيان، وعليك أن تغلق الكتاب متى صليت العصر، وتأخذ مفتاحه، وعليك مع هذا كله أن تكون يدي اليمنى، ولك ربع ما يأتي به الكتاب من نقد، تقتضي ذلك في كل أسبوع أو في كل شهر، وتم هذا العقد بين الرجلين وقرأ عليه الفاتحة، وبدأ العريف عمله.
وكان العريف يبغض سيدنا بغضا شديدا ويزدريه، ولكنه يصانعه،
2
وكان سيدنا يكره العريف كرها عنيفا ويحتقره، ولكنه يتملقه.
فأما العريف فكان يكره سيدنا؛ لأنه أثر
3
غشاش كذاب، يخفي عليه بعض موارد الكتاب، ويستأثر
4
بخير ما يحمل الصبيان معهم من طعام، ويزدريه؛ لأنه كان ضريرا يتكلف الإبصار، وكان قبيح الصوت، يتكلف حسن الصوت. وأما سيدنا فكان يكره العريف؛ لأنه مكار داهية، ولأنه يخفي عليه كثيرا مما ينبغي أن يعلمه، ولأنه سارق؛ يسرق ما يوضع بين يديهما من الطعام وقت الغداء، ويختلس أطايبه، ولأنه يأتمر
Page inconnue