ومنها أن الله جل وعلا كساه من نور الجلال، حلة المحبة والجمال، فكان ما نظر إليه أحد من الموحدين إلا أفلح كل الفلاح، وظهر عليه نور الحقيقة ولاح، وأخذت عنه بعد الجهل دقائق العلوم، وصار خليفة أو أميرا في طيلسان الأمر والنهي المعلوم، وبقي عندنا ذكر الصحابة والخلفاء الراشدين بسبب رؤيتهم له وصحبتهم إياه إلى يوم الدين، ولم يكن لهم ذكر قبل ذلك إلا الاشتغال بالتجارة، دون خلافة أو إمارة، فعلا ذكرهم بسببه وبسبب رؤيته رؤوس المنابر، وأصبحت بسبب صحبته تخدمهم جميع الأقلام والمحابر، وأمرنا بالاستغفار لهم بسبب سبقهم للإيمان على ما تضمنه الذكر الحكيم بقوله تعالى: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}، وجعلهم أمنة لأمته ما داموا فيهم أو ما داموا لهم وهم ذاكرون بقوله في ((صحيح مسلم)): ((النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)).
وأخبرنا أنهم خير الناس، وخبره محمول على العين والرأس، فقال في ((الصحيحين)): ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) الحديث بطوله، رواه عبد الله بن مسعود عن نبي الله وخليله.
Page 234