Mes papiers... Ma vie (Première partie)

Nawal Saadawi d. 1442 AH
101

Mes papiers... Ma vie (Première partie)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Genres

أقضي إجازة نهاية الأسبوع في المدرسة، مع البنات اللائي بدون أهل أو أقارب في القاهرة، لم أكن أخرج من باب المدرسة إلا لأركب القطار إلى منوف، في إجازة العيد أو إجازة الصيف في نهاية العام.

ليلة الجمعة لا يدق جرس النوم، ولا تنطفئ الأنوار، هذه هي ليلتنا الوحيدة في الأسبوع، يمكن أن نسهر حتى الصباح، يمكن أن نرقص ونغني دون أن تنقض علينا الضابطة، يمكن أن نقضي الليل في تمثيل إحدى القصص من تأليفي.

كان عنبر النوم يتحول إلى مسرح، نكوم الأسرة كلها في المؤخرة، نفسح مكانا للخشبة في المقدمة، الملاءات نصنع منها الستائر، ندعو البنات من العنابر الأخرى ليصبحن الجمهور.

في البداية كنت أقوم بالأدوار كلها، المؤلفة والمخرجة والممثلة وموزعة التذاكر، كانت التذاكر مجانية أول مرة، مربعات صغيرة من الورق مقطوعة من أحد كشاكيلي، فوق كل مربع يكتب اسم المسرحية وعنوان المسرح، عنبر ثالثة «أ»، هذا هو عنبرنا، الذي أطلقت عليه العنابر الأخرى اسم «مسرح الحرية».

إحدى المدرسات كان اسمها «مس سنية»، كانت تدرس لنا اللغة الإنجليزية، طويلة ممشوقة القامة، الوحيدة بين المدرسات التي تلعب التنس، الوحيدة بينهن التي تتحدث معنا بعد انتهاء الحصص، أو تجلس معنا في الفناء، تناقشنا في الروايات الإنجليزية المقررة علينا.

إحدى هذه الروايات كان اسمها «آدم بيد»، والبطلة تحمل سفاحا، ذكرتني بالخادمة شلبية في بيت جدي، أوحت إلي بكتابة مسرحية أعطيتها عنوان: «صرخة في الليل»، كانت إحدى العروض التي قدمها مسرح الحرية في ليلة من ليالي الجمعة.

كان العرض يبدأ بعد انتهاء العشاء وصعودنا من المطعم في الفناء، في اليوم السابق وزعنا التذاكر، لم تعد مشرشرة أو مجانية، ثمن التذكرة أصبح مليما واحدا، مررنا على العنابر بالتذاكر، زغردت البنات بالفرح، فرشنا البطاطين على الأرض ليجلس عليها الجمهور، تجمع لدينا القروش فاشترينا بها لوازم مسرحية، أقنعة من الورق الكارتون، مساحيق لدهن الوجوه والشخصيات، لب أسمر وفول سوداني محمص للقزقزة أثناء العرض.

قامت صفية بدور البطلة التي تحمل سفاحا، هربت في ظلمة الليل، ترتدي ثوبا واسعا تخفي تحته بطنها المرتفع (حشونا بطنها بالملابس)، تجلس على حافة النيل حزينة تفكر في الانتحار.

كان المسرح مظلما تماما، أطفأنا كل الأنوار، علقنا البطاطين فوق النوافذ لتحجب ضوء القمر، أو نور الكهرباء في الطرقات الخارجية، أنفاس الجمهور مكتومة، في انتظار ما يحدث، كان الجنين في بطن الأم، صرخت الأم صرخة واحدة مكتومة، ثم انطلقت من بعدها صرخات المولود الجديد.

كانت فكرة هي التي تؤدي دور المولود من وراء الستار، مزقت صرخاتها الحادة سكون الليل مثل صفارات الإنذار.

Page inconnue