ولا تزال الجنة مع الطفل، حتى إذا كبر قيل له كما قيل لآدم: اهبط منها ...!
أكل آدم من الشجرة، ولا شيء يضيع في الكون، فأين الحلاوة التي ذاقها في الجنة؟
هي في أفواه الأطفال ... •••
ويتبسم الطفل ويضحك، ونحسب ذلك على مقداره. كلا، إنه وإن يكن طفلا صغيرا في ملء جلده، وعلى وزن جملته، ولكن مادة ابتسامه على مقدار الطبيعة كلها؛ لأن عظمة الكون هي التي ترعاه بهذا الأسلوب الصغير.
هو لا يحيا في العالم، بل في معاني نفسه، وبذلك هو دائما فوق الدنيا.
ومن حياة الأطفال المنحصرة في معاني أنفسهم، ندرك، سر الحب وسر السعادة، فإن كل لذة الحب، وإن أروع ما في سحره، أنه لا يدعنا نحيا فيما حولنا من العالم، بل في شخص جميل ليس فيه إلا معاني أنفسنا الجميلة وحدها، ومن ثم يصلنا العشق من جمال الحبيب بجمال الكون، وينشئ لنا في هذا العمر الإنساني المحدود ساعات إلهية خالدة، تشعر المحب أن في نفسه القوة المالئة هذا الكون على سعته، فتمر النفس حينئذ في سبحات اللذة الروحية، من الجميل، إلى الجمال، إلى الطبيعة، إلى الله جل جلاله.
2 •••
إما ابتسامتك أنت ...
أنك حين تمنحين نظرتك وتتبعينها الابتسامة التي تفسرها أقول عندئذ في نفسي: لقد علم الله علمه في حكمته ورحمته، فلما خلق الحقيقة من قوته عابسة جافية، قابلها من رحمته بالحبيبة متبسمة رقيقة ... فلعل المرأة الجميلة أسلوب في الفرع الإنساني كأسلوب إنشاء الزهرة في ذات القوة الخشنة التي تنبت الشوك.
ولك ابتسامة يزيد سكون الطرف من غموضها، والأخرى يزيد استطلاق وجهك من صراحتها، والثالثة على استحياء كأن وعدا معلقا فيها.
Page inconnue