161

وما هذا الهدوء ساعة تستقر في جو خافت كهمس التسبيح فتبدو كقلب المؤمن رسب في أعماقه اضطراب الظن بالحياة، وطفا على اطمئنان التوكل على الله؟

وما هذه الثورة ساعة تستقر في جو صاخب كمعمعة المعركة، فتظهر كالمخبول ثارت خواطره فهن كأمواجك مبعثرة طائرة، وكأن زوبعة سكنت فيها؟ •••

ولكن أيها البحر! هل يقال لك: ما هذا؟ وما هذه؟

كلا، فما أنت إلا كذلك الجمال المعشوق: يسطع ويرق ويتوحش ويهدأ ويثور، وله الأشعة الزاهية البراقة، والعري الحريري المخمل، والزئير والهمس، والأعاصير والزوابع، ثم لا يسأل في كل هذا ولا مرة واحدة: ما هذا؟ وفي كل هذه ولا مرة واحدة: ما هذه؟ •••

ورأيت يا حبيبتي هذا البحر مضيئا ممتدا كأنه نهار أبدى أمسكته الدنيا؛ لينير النور في قلوب أهلها فإن النور يظلم فيها.

ورأيته كالمعاني الندية بثها الله من رحمته في جفاف الحياة ومعانيها، ورأيته استواء واحدا في وضع الجمال، ليس فيه موضع أعلى من موضع.

ورأيته دائم الترجرج كأنه متهيئ أبدا؛ ليسكب معانيه في فكر الناظر إليه.

ورأيته لا يحمل أن يوضع لإرادته حد فهو دائما يصدم الشاطئ كأنه يقوله له: اذهب من هنا ...! •••

رأيت فيه كل هذا ؛ لأن مثل هذا كله في جمالك أنت وفي معانيك.

فأنت بجمالك المشرق لمعة من نهاري.

Page inconnue