Illusions de l'esprit : une lecture du « Novum Organum » de Francis Bacon
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Genres
وليس أهون من ذلك أنهم في فلسفاتهم وملاحظاتهم يهدرون جهودهم في بحث وتناول المبادئ الأولى للأشياء والعلل القصوى للطبيعة
ultimatibus naturae ، رغم أن كل الجدوى وفرص التطبيق تكمن في العلل الوسطى
in mediis ؛ لذا لا يكف الناس عن تجريد الطبيعة إلى أن يصلوا إلى مادة ممكنة وغير مشكلة، ولا هم من الجهة الأخرى يكفون عن تشريح الطبيعة إلى أن يصلوا إلى الذرة، وهي أشياء - حتى لو صدقت - قلما تجدي نفعا في تحسين حالة الجنس البشري.
39 (67) على الذهن أيضا أن يأخذ حذره من الإفراط الذي تبديه المذاهب الفلسفية في إبداء الموافقة أو الامتناع عنها، ويبدو أن هذا الإفراط يرسخ الأوهام وأنه بطريقة ما يطيل عمرها، غير تارك أي منفذ للوصول إليها والتخلص منها.
ثمة نوعان من هذا الإفراط: الأول هو الذي يأتيه أولئك الذين يتسرعون في إصدار الأحكام، فيجعلون العلوم جازمة تسلطية، والثاني يأتيه أولئك الذين ينكرون أن بإمكاننا أن نعرف أي شيء (acatalepsia) ، فيفتحون المجال لنوع هائم من البحث لا يهدف إلى شيء ولا ينتهي إلى شيء، من شأن النوع الأول أن يقمع الذهن، أما الثاني فيوهنه، فبعد أن فرغت الفلسفة الأرسطية من تدمير الفلسفات الأخرى (على طريقة العثمانيين تجاه إخوتهم)
40
بتفنيدات عدائية، أخذ أرسطو يؤسس أحكاما في كل شيء، ثم أخذ هو نفسه يطرح اعتراضات من عنده؛ كي لا يلبث أن يتصدى لها، بحيث لا يترك أمرا إلا وهو يقيني محسوم، وهي طريقة ما زالت قائمة اليوم بين أتباعه.
أما مدرسة أفلاطون فأدخلت مذهب الشك، بدأ ذلك هزلا وتهكما من جراء استيائها من قدامى السوفسطائيين - بروتاجوراس وهيبياس وغيرهما - الذين كانوا يستخذون من الظهور بمظهر من يتردد بإزاء أي شيء، غير أن الأكاديمية الجديدة تصلبت في الشك واتخذته عقيدة. إنه لمنهج أكثر صدقا من الترخص في سك الأحكام؛ لأنهم قالوا بأنهم لا يقوضون كل بحث بأي حال مثلما كان يفعل فيرون و«المتوقفون عن الحكم»
Ephectici ، بل يسمحون باستقصاء بعض الأمور على أنها احتمالية، وإن لم يسمحوا بأي شيء أن يؤخذ كحقيقة، غير أن العقل البشري ما إن ييأس من العثور على الحقيقة حتى يأخذ شغفه بكل الأشياء في الخمود، وينتهي الأمر بأن ينصرف الناس إلى مناقشات وأحاديث لطيفة، وإلى نوع من التطواف حول الأشياء دون المثابرة على البحث الجاد، ولكن - كما أسلفنا في البداية وكما نؤكد على الدوام - فإن علينا ألا ننتقص من سلطة الحواس البشرية والفهم البشري - على قصورهما - بل علينا أن نزودهما بما يساعد ويعين. (68) انتهينا الآن من عرض لمختلف ضروب «الأوهام»
idola
Page inconnue