Illusions de l'esprit : une lecture du « Novum Organum » de Francis Bacon
أوهام العقل: قراءة في «الأورجانون الجديد» لفرانسيس بيكون
Genres
مع إغفال كثير للعلل الوسطى وما إليها. إن علينا أن نتخذ أشد الحذر هنا، «فليس ثمة ما هو أسوأ من تمجيد الخطأ؛ فحين تؤله الحماقة فذلكم بلاء يحيق بالفكر. في هذه الحماقة انغمس بعض المحدثين، وبغفلة متناهية حاولوا أن يؤسسوا فلسفة طبيعية على الفصل الأول من سفر التكوين
Genesis
وسفر أبواب وأجزاء أخرى من الكتاب المقدس، باحثين - هكذا - عن الموتى بين الأحياء،
36
ومثل هذه الحماقة يجب أن توقف وتقمع بكل قوة؛ فمن هذا المزج غير الصحي بين البشري والإلهي لا تنبثق فقط فلسفة وهمية، بل ودين هرطقي؛ ومن ثم فإن رأس الحكمة والاتزان أن نعطي للإيمان ما هو للإيمان ولا نتزيد.» (66) بحسبنا هذا عن السلطة الخبيثة للفلسفات القائمة على تصورات عامة أو تجارب قليلة أو على الخرافة، ويبقى أن نتحدث عن الموضوعات الخاطئة للتأمل العقلي، وبخاصة في الفلسفة العقلية، إن العقل يضل السبيل إذ ينظر إلى ما يجري في الفنون الميكانيكية؛ حيث الأجسام تتغير تماما عن طريق التركيب والتفريق، فيفترض أن شيئا شبيها بذلك يحدث في الطبيعة الكلية للأشياء، وهذا هو مصدر الوهم القائل ب «العناصر»
elements
واحتشادها لتكوين الأجسام الطبيعية، كذلك عندما يتأمل الإنسان في الطبيعة وهي تعمل بحرية، فإنه يلتقي بأجناس شتى من الأشياء: حيوانات، نباتات، معادن، ومن هنا ينزلق بسهولة إلى تصور أن في الطبيعة صورا أولية للأشياء تريد أن تنتجها، وأن ما عدا ذلك من تنويعات إنما يأتي من جراء عوائق وأخطاء للطبيعة في إنجاز مهمتها، أو من صراع بين الأجناس المختلفة. أنتجت الفرضية الأولى مذهب الخواص الأولية، والثانية أنتجت مذهب الخواص الخفية والقوى النوعية، وكلا التصورين ينتميان إلى تلك الفئة من المختصرات الفكرية الفارغة التي فيها يسترخي العقل وينصرف عن موضوعات أكثر أهمية، وحسنا يفعل الأطباء حين يكبون على الخواص الثانوية للمادة وعمليات الجذب والطرد والتكثيف والبسط والقبض والتشتيت والنضج وما إلى ذلك.
37
ولقد كانوا حريين بتحقيق تقدم أكبر لو لم يعمدوا إلى التصورات المبسوطة التي تحدثت عنها (أي الخواص الأولية والقوى النوعية) فيفسدوا بها هذه الملاحظات القويمة باختزالها إلى خواص أولية وأخلاط دقيقة غير قابلة للمقايسة، أو بعدم تتبعها بملاحظات أكثر قوة ودقة إلى خواص ثالثة ورابعة، والتوقف فجأة عن الملاحظة قبل الأوان، مثل هذه القوى (أو ما شابهها) لا ينبغي أن نبحث عنها بين أدوية الجسم البشري فحسب، بل أيضا في العوامل التي تغير الأجسام الطبيعية الأخرى.
وأشد خطرا من ذلك أنهم يبحثون ويتقصون المبادئ الساكنة للأشياء التي «منها» أتت الأشياء نفسها إلى الوجود وليس المبادئ المتحركة التي «بواسطتها» أتت،
Page inconnue