Augustin: Une Très Courte Introduction
أوغسطينوس: مقدمة قصيرة جدا
Genres
أحمد محمد الروبي
مراجعة
هاني فتحي سليمان
هذا الكتاب يستعين بمادة مأخوذة من محاضرات لاركين ستيوارت، تورونتو 1990، ومحاضرات ساروم، أكسفورد 1992-1993.
الفصل الأول
تشكيل عقلية أوغسطينوس: شيشرون وماني وأفلاطون والمسيح
لا يمكن في مقدمة قصيرة عن فكر أوغسطينوس أن تعرض أيضا سيرة ذاتية له. فنظرا لأنه كتب أشهر السير الذاتية القديمة وأكثرها وقعا وأثرا، جذب الجانب النفساني للرجل وشخصيته بطبيعة الحال اهتماما شديدا. كان يتمتع بين القدماء بقوة لا مثيل لها على التعبير عن المشاعر. وكتاباته أيضا تعد مصدرا أساسيا للتاريخ الاجتماعي لعصره. ليس في وسع هذا الكتاب أن يتناول ذاك الجانب من شخصيته، لكنه يعنى بتشكل عقليته. وكان هذا التشكل عملية طويلة؛ حيث إنه بدل رأيه بخصوص بعض النقاط، وطور وجهة نظره بخصوص نقاط أخرى. ووصف نفسه ب «الرجل الذي يكتب وهو يتطور، والذي يتطور وهو يكتب» (الرسائل
Epistulae ). وكانت التحولات التي شهدها وثيقة الصلة بضغوط الخلافات المتعاقبة التي لعب فيها دورا؛ ولذا فإن الإشارة المرجعية للبيئة التاريخية محورية للفهم. ولكننا، بخلاف ذلك، لسنا معنيين هنا ب «حياته وأيامه».
شكل 1-1: أقدم صورة للقديس أوغسطينوس. تصوير جصي، القرن السادس.
ولد أوريليوس أوغسطينوس عام 354 ميلاديا وتوفي عام 430. وقد عاش كل حياته، فيما خلا خمسة أعوام منها، في شمال أفريقيا الخاضع للحكم الروماني، وكان خلال الأربعة والثلاثين عاما الأخيرة من عمره أسقفا لمدينة بحرية تضج بالحركة والنشاط، كانت تعرف آنذاك باسم هيبو، وتمثلها الآن مدينة عنابة بالجزائر. وفي ميناء هيبو، كانت الكتب حكرا على القديس أوغسطينوس، ولم تكن خلفية عائلته ذات ثقافة عالية، فقد حصل هو تلك الثقافة من طريق التعليم. ومن خلال كتاباته التي يتجاوز ما تبقى منها ما وضعه أي مؤلف قديم، أمسى يمارس أثرا واسعا لا على معاصريه وحسب، بل وخلال السنوات اللاحقة أيضا على الغرب بأسره. ويمكن إيجاز مدى هذا الأثر بواسطة سرد النقاشات التي كانت جزءا من إرث الرجل: (1)
Page inconnue