86

Spectres de la vie de May

أطياف من حياة مي

Genres

وقد أمضت «مي» هذه الرسالة بإمضاء «مي الجبلاوية» لأنها أهدت إليه قلبها القوي الجبلي، وعرضت هذه التضحية الكبرى في تلك الهدية العزيزة؛ لأنها أصبحت ترى فيه أباها وأخاها وفتاها ورفيقها وحبيبها، وإذا أخلصت المرأة ضحت بروحها وقلبها ودمها في سبيل من تحب، فبعث إليها جبران بهذه الرسالة الرقيقة يقول:

عزيزتي مي «في عقيدتي أنه إذا كان لا بد من السيادة في هذا العالم، فالسيادة يجب أن تكون للمرأة لا للرجل!

أنا مدين بكل ما هو «أنا» للمرأة منذ أن كنت طفلا حتى الساعة، والمرأة تفتح النوافذ في مصيري، والأبواب في روحي.

ولولا المرأة الأم، والمرأة الشقيقة، والمرأة الصديقة، لبقيت هاجعا مع هؤلاء النائمين الذين يشوشون سكينة العالم بغطيطهم.»

ثم يتحدث عن صحته ومرضه وطبيبه وأدويته، فيقول: «إن الراحة - يا مي - تنفعني من جهة أخرى. أما الأطباء والأدوية، فمن علتي بمقام الزيت من السراج. لا، لست بحاجة إلى الأطباء والأدوية، ولست بحاجة إلى الراحة والسكون.

أنا بحاجة موجعة إلى من يأخذ مني ويخفف عني، أنا بحاجة إلى فصادة معنوية، إلى يد تتناولني مما ازدحم في نفسي، إلى ريح شديدة تسقط أثماري وأوراقي!»

أنا بركان صغير

ثم يقول لها عن نفسه، وقد طلبت منه أن يكتب إليها بلا إجهاد: «أنا - يا مي - بركان صغير سدت فوهته، فلو تمكنت اليوم من كتابة شيء كبير أو جميل لشفيت تماما.

لو كان بإمكاني أن أصرخ عاليا لعادت عافيتي، قد تقولين لماذا لا تكتب فتشفى؟ لماذا لا تصرخ فتعافى؟ وأنا أجيبك: لا أدري، لا أدري، لا أستطيع الصراخ.

هذه علتي؛ علة في النفس، ظهرت أعراضها في الجسد. وتسألين الآن: إذن ماذا أنت فاعل؟ وماذا عسى أن تكون النتيجة؟ وإلى متى تبقى في هذه الحالة؟!

Page inconnue