L'impact des Arabes sur la civilisation européenne
أثر العرب في الحضارة الأوروبية
Genres
وعلى هذا الاعتبار - أي اعتبار الساميين جميعا من سلالة الجزيرة العربية - يجب أن يعود إليهم فضل الفنون الحربية التي استفادها الرومان من القائد القرطاجي المشهور باسم هنيبال؛ فإن معركة «كاني»
Gannae
التي هزم فيها الرومانيين بنصف عددهم على وجه التقريب لا تزال محورا للبحث والمناقشة، ومرجعا للدرس والتعلم في أحدث مدارس أوروبا العسكرية، وهي على هذا لم تكن إلا فنا من فنون كثيرة فوجئ بها الرومانيون من أساليب ذلك القائد العظيم في نقل الجنود بالبر والبحر، والنزول بهم على الشواطئ المكشوفة، والصعود بهم إلى قلل الجبال، واستخدام السفن المبتكرة في البحر، وابتكار الخطط السريعة لتسخير الحيوان في المعارك البرية، ومنه الفيل والحصان.
ولو شاء المؤرخ أن يعد هنيبال عربيا بحتا - ولا يجعله من السلالة العربية وحسب - لكانت له قرينة من اسمه واسم وطنه وتاريخ ظهوره ... فإنه ظهر في القرن الثالث قبل الميلاد حين كانت الأمة العربية قد شارفت طورها الحديث الذي بقيت عليه إليه اليوم، وكانت في اسمه لهجة العربية كما كانت تلفظ في ذلك الزمان، أو على نحو مقترب منها غاية الاقتراب؛ لأنه سمي «حنى بعل»، وهو اسم يرادف نعمة بعل أو نعمة الله. وسميت بلدته «قرية حداش» أو القرية الحديثة، فصحفت إلى قرتاش فقرطاج - بتعطيش الجيم - كما نطق بها الرومان. وكان اسم أبيه حامي القرية أو «هاملكار» بعد التصحيف والتحريف. •••
وخلاصة ما تقدم أن الأوروبيين تتلمذوا على أبناء الجزيرة العربية في مسائل العقيدة ومسائل الحضارة والمعيشة اليومية، قبل أن تبلغ أوروبا مبلغ المعلم لغيره في أمر من الأمور.
ولا يقدح في هذا أن السمريين - سكان ما بين النهرين الأولين - كانوا شعبا من شعوب العنصر الآري، كما جاء في بعض التقديرات التي تستحق النظر والترجيح.
فإن المحقق الذي لا تختلف فيه الظنون أن المعارف الفلكية التي وصلت إلى الأوروبيين، وبنوا عليها عقائدهم في الكواكب والأيام مصبوغة بالصبغة البابلية، سواء في الأسماء أو الصفات، وأن الكتابة قد وصلت إلى الأوروبيين والهنود من طريق أبناء الجزيرة العربية في أقصى الشمال أو أقصى الجنوب، وأنه مهما يكن الظن بالابتكار في أطواره الأولى، فالطابع السامي ظاهر على أول ما اقتبسه الأوروبيون من دروس الفلك والكتابة والحكمة الرواقية، وبعض أسباب التجارة والملاحة والعمارة، وليس في شيء من ذلك، لا في غيره، طابع ظاهر للسمريين.
الأصل والنقل
الأصالة قدر مشترك بين جميع الحضارات، فكل حضارة أبدعت ونقلت، وكانت لها سمة تميزها بين الحضارات العالمية، ولم توجد قط حضارة تفردت بالإبداع، أو تفردت بالنقل، أو خلت من السمة التي تميزها بين سمات الحضارة.
إلا أن البدعة الحديثة التي نشأت حول الآرية والسامية قد جنحت بالأوروبيين منذ ظهرت فيهم إلى اختصاص الحضارة العربية بالنقل دون الإبداع، وحببت إليهم أن يميزوا عليها حضارات الأمم الآرية - ولو كانت شرقية - بملكة الإبداع والتفكير الحر، ولا سيما في المباحث النظرية التي يراد بها العلم للعلم، ولا يراد بها العلم للتطبيق أو للانتقاع به في مرافق المعيشة؛ لأن تمييز الشرقيين الآريين ينتهي إلى تمييز العنصر الأوروبي في أصوله الأولى، وهي الدعوى التي يسوغ بها سيادته على أمم العالمين.
Page inconnue