إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
Maison d'édition
مؤسسة الرسالة
Numéro d'édition
الطبعة الثالثة
Année de publication
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
Genres
فقلت: أنا، ثم قلت، أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لُدِغْت، قال: فما صنعت؟، قلت: ارتقيت.
ــ
الكرامة، وسبق لنا معنى تحقيق التّوحيد، وأنه تخليصه من شوائب الشرك الأكبر والأصغر، ومن البدع والمخالفات وهذه مرتبة السابقين من هذه الأمة.
قال: "عن حُصين بن عبد الرحمن" السُّلمي، أحد التابعين الثقات.
"قال: كنت عند سعيد بن جُبير" سعيد بن جُبير من أكابر التابعين علمًا وورعًا وفقهًا، وهو من تلاميذ ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قتله الحجّاج بن يوسف الثَّقفي قبل أن يبلغ الخمسين من عمره، وبقتله أُصيبت الأمة بفقد عالم من أجلِّ علمائها.
"فقال: أيُّكم رأى الكوكب الذي أنقض البارحة؟ "، يسأل الجالسين عنده، والكوكب معناه: الشِّهاب الذي يُرمى به الشياطين الذين يَسْتَرِقُون السمع، وليس معناه أن الكوكب نفسه يسقط، ولكن ينفصل منه شَظِيَّة. "الذي انقض البارحة"، أي: الذي سقط.
قال: حُصين بن عبد الرحمن: "أنا"، والبارحة كلمة تُطلق على الليلة الماضية، ما قبل الزوال يقال له: الليلة، وما بعد الزوال يقال له: البارحة، مِن "بَرَح الشيء" إذا فات وذهب، هذا عند العرب.
وقوله: "قلت: أنا" يعني: أنا رأيت الكوكب، فدلّ هذا على أن هذا الرجل لم يَنَم.
ثم إنه خشي على نفسه من الرياء، فاستدرك وقال: "أما إني لم أكن في صلاة" يعني: لا تظنوا أني سهرت أتهجّد، خشِي على نفسه الرياء، أن يمدح بشيء ليس فيه، وهذا من ورع السّلف وابتعادهم عن الرياء وتزكية النفس، لأن هذا ينافي الإخلاص.
وقوله: "ولكني لُدِغْت" يعني: السبب في كوني كنت مستيقظًا وقت نزول الشهاب أنني لُدِغْت، واللَّدْغ معناه: إصابة ذات السموم من العقارب ونحوها.
وقوله: "قال: فما صنعت؟ " لأن من عادة المَلْدُوغ أنه يتعاطى شيئًا من العلاج.
1 / 82