إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد
Maison d'édition
مؤسسة الرسالة
Numéro d'édition
الطبعة الثالثة
Année de publication
١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م
Genres
وقول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ الآية.
ــ
لئلا يدعي كل واحد أن مذهبه هو التّوحيد، أو ما هو عليه هو التّوحيد، وهذا أمر مهم جدًّا، لأنهم يقولون أدعوا إلى الإسلام وبينوا مزايا الإسلام فقط، ولا تبينوا للناس حقيقة الإسلام، لأن هذا يفرق عنكم الناس.
قال رحمه الله تعالى: "وقول الله- تعالى- ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ "، هذه الآية جاءت بعد ذكر مناظرة إبراهيم الخليل- ﵊ لقومه، لأن قومه كانوا يعبدون الكواكب، وهم الصابئة، في أرض العراق، فالله ﷾ بعث نبيّه ورسوله إبراهيم الخليل- ﵊ للدعوة إلى التّوحيد، وإنكار هذا الشرك، ولم يكن هناك مسلم وقت بعثته- ﵊، كلهم على الوثنيّة- والعياذ بالله-، وذكر الله ذلك في القرآن في عدة مواضع منها: في سورة الأنعام: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ﴾ بدأ بأبيه، لأنه يجب على الإنسان أول ما يبدأ بنفسه، ثم بأقرب الناس إليه، وأهل بيته، وجيرانه، ثم ينتشر في الدعوة إلى الله شيئًا فشيئًا، ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾، وفي الآية الأخرى يقول- جلّ وعلا-: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢)﴾ إلى آخر الآيات.
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ أطلعه الله ﷾، على ذلك من أجل أن يؤهله لحمل الرسالة، والدعوة إلى الله ﷿ والمناظرة، ﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ الموقنين بالله ﷾ وتوحيده، ويزول عنه أي شك أو أي ارتياب، أو أي شبهة، يكون على وضح اليقين، ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ يعني: غَشَى عليه الليل بظلامه، ﴿رَأى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ هذا من باب المناظرة، وليس من باب النظر- كما يقول الفلاسفة أو علماء الكلام- لأن إبراهيم يعرف ربه من قبل، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ﴾، ولكنه قال ذلك لأجل المناظرة، هذا ربي بزعمكم، ﴿فَلَمَّا أَفَلَ﴾ يعني: غاب واختفى، ﴿قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ لأنه لو كان ربًا ما غاب ولا اختفى، فهذا مما يُبطل ربوبية هذا الكوكب، ﴿قَالَ لا أُحِبُّ
1 / 55