168

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

الطبعة الثالثة

Année de publication

١٤٢٣هـ ٢٠٠٢م

Genres

لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرِّب له شيئًا، فقالوا لأحدهما: قرِّب. قال: ليس عندي شيء أقرِّبه، قالوا به: قرِّب ولو ذبابًا. فقرّب ذبابًا، فخلَّوْ سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرِّب. فقال: ما كنت لأقرِّب لأحد شيئًا دون الله ﷿. فضربوا عنقه، فدخل الجنة" رواه أحمد. ــ "لهم صنم" الصنم هو: ما كان على صورة حيوان، أما ما عُبد وهو على غير صورة حيوان، كالشجر والحجر والقبر فهذا يسمى وثنًا، فالوثن أعم من الصنم، لأن الصنم لا يُطلق إلاَّ على التِّمثال، وأما الوثن فيُطلق على التِّمثال وغيره، حتى القبر وثن إذا عُبد، قال ﷺ: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد"، فالوثن كل ما عُبد من دون الله على أي شكل كان. "لا يجوزه أحد" أي: يتجاوزه ولا يمرّ عليه أحد، "حتى يقرِّب له شيئًا" يعني: يذبح له تعظيمًا له. "فقال لأحدهما: قرّب، قال: ليس عندي شيء أقرِّبه" اعتذر بالعدم، ولم يقل: إن الذبح لغير الله لا يجوز، أو هذا منكر- والعياذ بالله-، وهذا يدلّ على أنه لو كان عنده شيء لقربه. "قالوا له: قرِّب ولو ذبابًا" فقرب ذبابًا، يعني: اذبحه للصنم، "فقرِّب ذبابًا فخلوا سبيله" سمحوا له بالمرور، "فدخل النار" بسبب الشرك، وأنه ذبح لغير الله، والعبرة بالنيّة والقصد لا بالمذبوح. والقصد أنه ما استنكر هذا الشيء، ولا تمنع منه، وإنما اعتذر بعدم وجود شيء فلذلك دخل النار- والعياذ بالله. "وقالوا للآخر: قرِّب. فقال: ما كنت لأقرِّب لأحد شيئًا دون الله ﷿" امتنع وأنكر الشرك، "فضربوا عنقه" يعني: قتلوه، "فدخل الجنة" بسبب التّوحيد. فهذا الحديث حديث عظيم، فيه مسائل عظيمة: المسألة الأولى: هذا الحديث فيه جواز الإخبار عن الأمم السابقة، والتحدّث عنها بما ثبت لأجل العظة والعبرة. المسألة الثانية: في الحديث دليل على تحريم الذبح لغير الله، ومن ذبح

1 / 172