Les secrets des palais
أسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية
Genres
ثم قالت: عسى أن تكون الأيام والسنون قد دمثت شيئا من أخلاقها، ولكن مهما يكن من أمرها فلا بد من الوصول إلى إقبال وعلى الله الاتكال . - إن شاء الله.
الفصل الثالث
فطور ملوكي
إذا سرح الناظر طرفه في مباني الأستانة ومناظرها وجد أن من أبدع قصورها وسراياها جمالا؛ القصر الكائن على شاطئ البوسفور عند مدخل الأستانة المعروف باسم «صالح بازار» تطل إحدى وجهاته على الطريق المؤدية إلى «طلمه بغجه» وتشرف الأخرى على بحر مرمرا، فيرى الناظر منه الأستانة بمبانيها وقبب جوامعها ومآذنها، ويرى أمامه الزوارق العديدة ماخرة بين شاطئي أوروبا وآسيا، هذا هو قصر السلطانة علية هانم.
ففي مساء ليلة من شهر صفر كانت السلطانة المشار إليها جالسة في غرفتها مفكرة في أمر مهم تقلب بيدها سبحة من حب العنبر، والجواري من حولها واقفات صامتات مكتوفات الأيدي خاشعات البصر ينتظرن أقل إشارة تبدو من سموها ليتسابقن إلى امتثالها. وكانت الريح عاصفة والرعود قاصفة، وأمواج البوسفور تتلاطم فيتضاعف دويها في ذلك الليل البهيم، والسلطانة معيرة أذنها كأنها تنتظر أمرا كبيرا.
ثم دقت الساعة الرابعة من الليل، فرأت السلطانة أن قد طال السهر، فأشارت إلى الجواري والسراري بالانصراف، فانصرفن وقد مشين القهقرى، ولكن تقدمت سرية شركسية الأصل بارعة الجمال طويلة القوام وتجاسرت بأن سألت السلطانة إذا كانت تأمر بمساعدتها على نزع ثيابها. - لا يا إقبال هانم لا أريد أحدا. انصرفي حالا؛ لأني أروم انتظار الباشا وحدي هذا المساء.
فامتثلت إقبال الأمر، وخرجت منكسة الرأس، وقد طار قلبها هلعا، وعادت السلطانة فغاصت في بحار التأملات، وكانت قد كبرت وشاخت، وذهب ما كانت عليه في أيام صباها من الجمال القليل، على أنها كانت مع ذلك تتزين وتتبرج كأنها تريد أن تعود إلى أيام الصبا، ولكن هيهات؛ فلا يصلح العطار ما أفسد الدهر.
فلما ابتعدت الجواري رفع ستار باب مجاور، وبرز منه خصي لم تشعر به حتى صار أمامها فسألته: ما وراءك يا علي؟ - لقد صدق مولاتي الباشا بقوله؛ فهو مدعو هذا المساء للطعام عند الصدر الأعظم. - ثم. - قد أفرغت الجهد امتثالا لأمر سموك في البحث عن الأمر الذي يهمك، ولكني لم أقف له على أثر، وأرى من العبث إتمام البحث . - أتظنني واهمة أو مخدوعة؟ - كلا مولاتي، ولكن أخصامنا أو بالحري أخصام سموك يخفون عنك الحقيقة إلا إذا بحثت عنها من صاحبها ... - أمجنون أنت؟ أتظن أن ليس عندي جرأة كافية على الانتقام ممن يمس شرفي أيا كان؟ - لم أرد هذا بقولي مولاتي.
ثم تقدم خطوتين إلى أمامها، وقال لها خافضا صوته: يتعذر، لا بل يستحيل معرفة الحقيقة من إقبال، وقد جربت فوجدت أن الوعد والوعيد لم يفيدا شيئا، ولا يمكنك بعد هذه الساعة الوقوف على الحقيقة إلا من دولة الباشا نفسه.
أما السلطانة فاكتفت بهز رأسها استخفافا. فقال لها الخصي: لا أجهل يا مولاتي أنه متى كان صاحيا من سكره لا يقر بشيء؛ لأنه شديد الميل إلى إقبال، ولكن متى لعبت الخمرة برأسه سهل عليك الوقوف على أسراره، وسيرجع هذا المساء مترنحا ...
Page inconnue