Les secrets des palais
أسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية
Genres
فأجابتها العجوز: لو تعلمين شقائي لعرفت أنك سعيدة، وأن في الدنيا من هو أشقى منك بكثير. - أحقا أنت تعيسة نظيري، أخبريني مصابك، فإني أشعر بميل وانعطاف إلى كل مسكين.
فشرعت العجوز تغسلها وتدلك بدنها، وتقص عليها ما أصابها في حياتها من الشقاء، وكيف أن الدهر قد أخنى عليها إلى حد أن اضطرت أن تكون غسالة في الحمامات بعد أن كان عندها العبيد والجواري. فلما فرغت من حديثها قالت المرأة: أحقا قد احتملت كل هذا الشقاء، وأصابك كل هذه المصائب؟ نعم، إنه لمصاب عظيم أن تسقط امرأة شريفة نظيرك إلى هذا الحد من الفقر والمسكنة، ثم تبسمت وقالت: نحن في يد العناية كحبات الرمال إذ تتلاعب بها ريح السموم.
ولما فرغت من الاستحمام وقفت، وارتدت ملابسها الحريرية، وسارت إلى غرفة الاستراحة تطفئ ظمأها بشرب المثلجات والمبردات والتدخين، وأمرت بمثل ذلك إلى العجوز، ثم جلست وقد عاودها الهم وبدا على وجهها الاضطراب، وأرادت أن تطلب الدواء فمنعها الحياء، ولكن ما عتمت أن استأنست من العجوز لطفا، فتغلبت على حيائها، وأمسكت بيد العجوز، وقربت فمها من أذنها، وقالت لها همسا بعد أن صبغ الحياء وجهها: يقولون إنك ماهرة في وصف الأدوية ... فأرجوك أن تصفي لي دواء ... ولم تجسر أن تسميه أو تعنيه.
فقالت العجوز وقد فهمت ما تريد: لا أشير عليك بأخذه؛ لأنه يعرضك لخطر الموت، وأنا الوحيدة في هذا المكان التي تعارض هذه العادة السيئة.
فخجلت الهانم من هذا الكلام، وغطت وجهها بيديها حياء، وطفقت تبكي. - لا أريد هانم أفندي توبيخك، وقد عرفت سبب حيائك وخوفك، فتلك إرادة الله لا يحق لأحد معارضتها.
فأجابتها هذه باكية: قد قلت الحق، ولكن لا بد لي من شرب ذلك الدواء؛ لأني هالكة على الحالين، فإذا ما هيأته لا أدري إذا كان عندي جرأة كافية لتجرعه. قالت هذا وضجت بالبكاء والنحيب. - ما معنى هذا البكاء ... عفوا على جرأتي مولاتي ... وإنما أريد مشاطرتك مصابك، فقلبي منعطف بكليته إليك. - إن من الفؤاد إلى الفؤاد سبيلا، أنا شقية، ولا أجسر أن أبوح بشقائي لأحد في العالمين على أنه:
فلا بد من شكوى إلى ذي مروءة
يؤاسيك أو يسليك أو يتوجع
وقد عيل اصطباري وطفح كيل همومي، ثم صمتت هنيهة، وقالت: أعيريني سمعك ... إني مذنبة لدى مولاتي، ثم تداركت قولها فقالت: لدى الهانم أفندي وأنا مدينة لها بكل شيء، ولكن النصيب قد قدر فكان ... فالباشا متغيب الآن، ولا يمكنه أن يحول دون انتقام الهانم مني، وقد عرفت هي ذنبي، وتروم مني إخفاءه ... قبل رجوع زوجها. وهل للهانم أولاد؟ - لا، وهذا مما زاد في حنقها.
ففكرت العجوز قليلا، وعضت على شفتها السفلى مفكرة.
Page inconnue