الباب السادس: باب جمع التأنيث
[زيادة الألف والتاء في جمع التأنيث]
إن قال قائل: لِمَ زادوا في آخر هذا الجمع ألفًا وتاء؛ نحو: مسلمات وصالحات؟ قيل: لأن أولى ما يزاد حروف المد واللين، وهي الألف والياء والواو، وكانت الألف أولى من الياء والواو، لأنها أخف منهما، ولم تجز زيادة أحدهما معها؛ لأنه كان يؤدي إلى أن ينقلب عن أصله؛ لأنه كان يقطع طرفًا وقبله ألف زائدة فينقلب همزة، فزادوا التاء بدلًا عن الواو؛ لأنها تبدل منها كثيرًا؛ نحو: تراث، وتجاه، وتهمة، وتخمة، وتكلة، وما أشبه ذلك، والأصل في مسلمات وصالحات: مسلمتات، وصالحتات، إلا أنهم حذفوا التاء لئلا يجمعوا بين علامتي تأنيث في كلمة واحدة، وإذا كانوا قد حذفوا التاء مع المذكر في نحو قولهم: رجل بصريّ وكوفيّ، في النسب إلى البصرة والكوفة، والأصل: بصرتي وكوفتي؛ لئلا يقولوا في المؤنث: امرأة بصرتيّة، وكوفتيّة، فجمعوا بين علامتي تأنيث، فلأَن يحذفوا -ههنا- مع تحقق الجمع، كان ذلك من طريق الأولى.
فإن قيل: فَلِمَ كان حذف التاء الأُولَى أَوْلَى؟ قيل: لأنها تدل على التأنيث فقط، والثانية تدل على الجمع والتأنيث، فلما كان في الثانية زيادة معنى، كان تبقيتها، وحذف الأُولى أَولى.
فإن قيل: فَلِمَ لم يحذفوا الألف في جمع: حبلى، كما حذفوا التاء، فيقولوا: حبلات، كما قالوا مسلمات؟ قيل: لأن الألف تنزل منزلة حرف من نفس الكلمة؛ لأنها صيغت الكلمة عليها في أول أحوالها، وأما التاء فليست كذلك؛ لأنها ما صيغت الكلمة عليها في أول أحوالها، وإنما هي بمنزلة اسم ضُمَّ إلى اسم؛ كحضرموت، وبعلبك، وما أشبه ذلك. فإن قيل: فَلِمَ وجب قلب الألف؟ قيل: لأنها لو لم تقلب؛ لكان ذلك يؤدي إلى حذفها؛ لأنها
1 / 68