الإعراب، وذهب أبو الحسن الأخفش١، وأبو العباس المبرد٢، ومن تابعهما، إلى أنها تدل على الإعراب، وليست بإعراب، ولا حروف إعراب، وذهب أبو عمر الجرمي٣ إلى أن انقلابها هو الإعراب، وذهب قُطْرُب٤، والفرّاء٥، والزيادي إلى أنها هي الإعراب، والصحيح هو الأول؛ وأما من ذهب إلى أنها تدل على الإعراب، وليست بحروف إعراب ففاسد؛ لأنه لا يخلو إما أن تدل على الإعراب في الكلمة، أو في غيرها؛ فإن كانت تدل على الإعراب في الكلمة، فلا بد من تقديره فيها، فيرجع هذا القول إلى القول الأول، وهو مذهب سيبويه، وإن كانت تدلّ على إعراب في غير الكلمة، فليس بصحيح؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون التثنية والجمع مبنيين، وليس بمذهب لقائل هذا القول، وإلى أن يكون إعراب الكلمة ترك إعرابها، وذلك محال، وأما من ذهب إلى أن انقلابها هو الإعراب، فقد ضعفه بعض النحويين؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون التثنية والجمع مبنيين في حالة الرفع؛ لأنه لم ينقلب عن غيره، إذ أوّل أحوال الاسم الرفع، وليس من مذهب هذا القائل بناء التثنية والجمع في حال من الأحوال؛ وأما من ذهب إلى أنها أنفسها هي الإعراب فظاهر الفساد وذلك؛ لأن الإعراب لا يخل سقوطه ببناء الكلمة، ولو أسقطنا هذه الأحرف؛ لبطل٦ معنى التثنية والجمع، واختل معنى الكلمة، فدل ذلك على أنها ليست بإعراب، وإنما هي حروف إعراب على ما بينا.
_________
١ الأخفش: هو الأخفش الأوسط، سعيد بن مسعدة المجاشعي البلخي، أخذ النحو عن سيبويه؛ صنف كتبًا، وزاد في العروض بحر "الخبب" فصار مجموع مجموعها ستة عشر بحرًا. مات سنة ٢١٥هـ.
٢ المبرِّد: أبو العباس، محمد بن يزيد، إمام أهل البصرة في العربية؛ من آثاره: "الكامل في اللغة والأدب والنحو التصريف" و"المقتضب في النحو"، وغيرهما، مات سنة ٢٨٥هـ. بغية الوعاة ١/ ٢٦٩-٢٧٠.
٣ الْجَرْميُّ: أبو عمر، صالح بن إسحاق الجرمي، أخذ النحو عن الأخفش، ويونس بن حبيب، وغيرهما. مات سنة ٢٢٥هـ. بغية الوعاة ٢/ ٨.
٤ قُطْرُب: هو محمد بن المستنير، لقَّبه أستاذه سيبويه بقطرب -دويبة تبكِّر في السعي طلبًا للرزق- لنشاطه في تحصيل العلم والسعي إليه قبل غيره. كان عالِمًا في اللغة، والنحو، والأدب، وهو أول من وضع المثلثات اللغوية؛ من آثاره: معاني القرآن، والنوادر، والأزمنة، وغريب الحديث، وغيرها. مات سنة ٢٠٦هـ. إنباه الرواة ٣/ ٢١٩.
٥ الفراء: سبقت ترجمته.
٦ في "س" بطل والصواب ما أثبت في المتن؛ لوقوع بطل في جواب "لو".
1 / 64