Asna Matalib
أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب
Chercheur
مصطفى عبد القادر عطا
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1418 AH
Lieu d'édition
بيروت
(بَاب: فِي أَسبَاب الْوَضع وعلاماته)
نقل ابْن الْجَوْزِيّ أَن الَّذين حدثوا بِأَحَادِيث مَوْضُوعَة أَنْوَاع مُخْتَلفُونَ، فَمنهمْ من غلب عَلَيْهِ الزّهْد فَغَفَلَ عَن الْحِفْظ، وَمِنْهُم: من ضَاعَت كتبه فَحدث عَن حفظه فغلط فِي نَقله، مِنْهُم: قوم ثِقَات لَكِن اخْتلطت عُقُولهمْ فِي آخر أعمارهم وَمِنْهُم من يروي الْخَطَأ سَهوا وَإِذا رأى الصَّوَاب لم يرجع إِلَيْهِ أَنَفَة أَن ينسبوه إِلَى الْغَلَط، وَمِنْهُم: زنادقة وضعُوا أَحَادِيث قصدا لإفساد الشَّرِيعَة وإيقاع الشَّك والتلاعب بِالدّينِ، وَمِنْهُم: من يضع الحَدِيث نصْرَة لمذهبه كالمعتزلة والأرفاض وأمثالهم، وَمِنْهُم: من يضع لقصد التَّرْغِيب والترهيب طلبا لحُصُول الْأجر بِزَعْمِهِ ويغفل عَمَّا بذلك من الْوزر، وَمِنْهُم: من قصد التَّقَرُّب إِلَى أَوْلِيَاء الْأُمُور فَوضع على حسب مَا اقْتَضَاهُ الْحَال، وَمِنْهُم: الْقصاص، وَمِنْهُم: من جوز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى فَوضع وَلم يشْعر أَنه قد كذب على رَسُول الله ﷺ، وَمِنْهُم: من سمع من شَيْخه موعظة فَظَنهُ أسندها فَرَفعهَا التلميذ للنَّبِي وَمثل لذَلِك الْعِرَاقِيّ فِي ألفيته بِخَبَر: " من كثرت صلَاته فِي اللَّيْل حسن وَجهه فِي النَّهَار "، وَمِنْهُم: من هُوَ أهل الصّلاح وَيرى رَسُول الله ﷺ فِي الْمَنَام ويحدثه بِكَلَام، ثمَّ يَسْتَيْقِظ وَيحدث بذلك الحَدِيث من دون أَن يذكر أَنه مَنَام وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِ بَيَان ذَلِك ليعلم السَّامع الْحَال؛ لِأَن رُؤْيا الْمَنَام لَا تثبت حكما وَإِن كَانَت رُؤْيَته ﷺ حَقًا فَالْكَلَام الَّذِي يسمعهُ الرَّائِي فِي مَنَامه تَارَة يكون تلقيه صَحِيحا وافقا وَتارَة يكون من غير صَحِيح بِحَسب طَهَارَة روح وجسم الرَّائِي.
(فصل فِي عَلَامَات الْوَضع)
مِنْهَا: يُنَاقض الحَدِيث مَا جَاءَت بِهِ السّنة الصَّحِيحَة كَحَدِيث من سمي مُحَمَّدًا وَأحمد لم يدْخل النَّار. وَحَدِيث أَنه أَخذ بيد عَليّ بِمحضر من الصَّحَابَة كلهم وهم رَاجِعُون من حجَّة الْوَدَاع فأقامه بَينهم حَتَّى عرفه الْجَمِيع ثمَّ قَالَ: " هَذَا وصيي وَأخي والخليفة من بعدِي فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا " ثمَّ اتّفق الْكل على كتمان ذَلِك فَإِن هَذَا من وضع الأرفاض؛ لأَنهم ضللوا الصَّحَابَة ﵃ بِهَذِهِ الْمقَالة الكاذبة. وَحَدِيث " إِذا غضب الرب نزل الْوَحْي بِالْفَارِسِيَّةِ وَإِذا رَضِي نزل بِالْعَرَبِيَّةِ " وأمثال ذَلِك من الْمَوْضُوع.
(وصل)
وَمِمَّا يدل على الْوَضع أَن يكون فِي الحَدِيث تَارِيخ بِوَقْت نَحْو حَدِيث: " إِذا
1 / 337