L'Origine de la famille, de la propriété privée et de l'État
أصل نظام الأسرة والدولة والملكية الفردية
Genres
4
وإذا كان الألمان في مدى مائة وخمسين عاما مضت على الزراعة الجماعية لم يكن لديهم زراعة خاصة أو أرض مقسمة (كما ينسب سيزار إلى السويفي على أيام تاسيتس)، فمن المؤكد أن التطور من الزراعة الفردية والتوزيع السنوي للأرض (الذي كان سائدا) إلى الملكية الخاصة الكاملة في الأرض في مثل هذه الفترة القصيرة وبدون أي تدخل خارجي كان مستحيلا. وعلى ذلك فإنني أفسر ما جاء في كلام تاسيتس في هذا الشأن بالطريقة الآتية: كانوا يعيدون تقسيم الأرض الزراعية كل سنة، وكان كثير من الأرض يترك مشتركا، وهذه المرحلة من الزراعة تتمشى مع الدستور القبلي للألمان في ذلك الوقت.
وسأترك الفقرة السابقة (أي ما قاله تاسيتس في هذا الشأن) دون تغيير كما كانت في الطبعات السابقة، ولكني أريد أن أقول إن المسألة تحتمل تفسيرا آخر؛ فحيث إن كوفالفسكي قد أكد أن مجتمع العائلة المنتسبة للأب كان واسع الانتشار، إن لم يكن عاما باعتباره الحلقة التي تربط بين مرحلة الانتساب للأم وبين العائلة الزوجية الحديثة، فإن المسألة تكون مسألة البحث عن شكل الملكية العامة الذي كان مطبقا. ولا يمكن أن نجاري مورر ويتز في مناقشاتهما بشأن ما إذا كانت الأرض مشتركة أم مملوكة ملكية خاصة. وليس هناك شك في أن السويفي أيام سيزار كانوا يملكون الأرض ملكية مشتركة ويزرعونها زراعة جماعية لحساب المجموع. وستظل مسألة الوحدة الاقتصادية لديهم (هل هي السلالة أم المجموعة العائلية أم مجموعة مشاعية من الأقارب تتوسط الاثنين أم الأنواع الثلاثة)، ستظل هذه المسألة موضوع خلاف إلى وقت طويل.
ويصر كوفالفسكي على أن الظروف التي وصفها تاسيتس لم تكن خاصة بمجموعات المارك أو المجموعات القروية، بل خاصة بالمجموعة العائلية التي تطورت فيما بعد إلى مجموعات قروية نظرا لزيادة السكان.
وعلى ذلك فإن استقرار الألمان في الأراضي التي سكنوها أيام الرومان والأراضي التي أخذوها فيما بعد من الرومان، هذا الاستقرار لم يكن في شكل قرى ولكن وحدات عائلية كبيرة تتكون من عدة أجيال في كل وحدة، وكانوا يزرعون قطعا متسعة من الأرض ويستعملون الأرض المحيطة كحدود مشتركة مع جيرانهم. أما الفقرة التي قالها تاسيتس فيما يتعلق بإعادة توزيع الأرض الزراعية فتعني أساسا أن الوحدة العائلية كانت تزرع كل سنة قطعة مختلفة من الأرض، وأن القطعة التي كانت تزرع في عام سابق كانت تترك بلا زراعة أو تهجر في العام التالي. وكانت قلة عدد السكان سببا في وجود أرض فضاء كافية سببت منازعات كثيرة على حيازتها. وبعد مرور قرون حينما ازداد أعضاء الوحدة العائلية إلى حد أن أصبحت الزراعة الجماعية مستحيلة في ظل ظروف الإنتاج القائمة تفككت الوحدة العائلية. أما الحقول والمراعي المشتركة فقد قسمت بالطريقة المعروفة بين مختلف العائلات الفردية التي كانت قد تكونت حينئذ، وكان التقسيم دوريا أول الأمر ثم استقرت كل عائلة في ملكية قطعة، بينما ظلت الغابات والمراعي ومصادر المياه مشتركة.
وقد ثبتت عملية النمو هذه في روسيا ثبوتا قاطعا. أما عن ألمانيا وباقي البلاد الألمانية فلا يمكن إنكار أن هذا الرأي السابق ذكره يعتبر تفسيرا أصح من القول بأن المجموعات القروية وجدت أيام تاسيتس، وإذا شرحنا الوثائق التاريخية مثل
5
Codex laureshamensis
على أنها تتكلم عن المجموعات العائلية، لوجد هذا الشرح أدق من شرحها على أنها تتناول مجموعات المارك القروية. وما زلنا في حاجة إلى تحريات كثيرة لحل هذه النقطة. ولا أستطيع أن أنكر أن المجموعة العائلية يحتمل أنها كانت المرحلة المتوسطة في ألمانيا وإسكندوناوه وإنجلترا.
وبينما نرى في أيام سيزار أن الألمان كانوا مستقرين بصفة جزئية في مواطن ثابتة، وكان جزء منهم ما زال ينشد الاستقرار؛ فقد كانوا مستقرين استقرارا كاملا قبل أيام تاسيتس بقرن كامل. وكانوا قد أصابوا تقدما ملحوظا في إنتاج وسائل المعيشة نتيجة هذا الاستقرار؛ فقد كانوا يعيشون في مساكن خشبية، وكان ملبسهم لا يزال بشكل الغابة البدائي، وكان يتكون من أغطية صوفية خشنة ومن جلود الحيوانات، وكانت النساء والنبلاء يرتدون ملابس داخلية من الكتان. وكانوا يعيشون على اللبن واللحوم والفواكه والعصيدة المصنوعة من دقيق الشوفان (وهي الطبق القومي لدى السلت في أيرلندا واسكتلندا إلى اليوم). وكانت ثروتهم عبارة عن قطعان حيوانية ذات مرتبة منخفضة؛ فقد كانت الحيوانات صغيرة غير أليفة لا قرون لها، وكانت الخيول صغيرة وليست سريعة الجري. وكانت النقود المستعملة هي العملة الرومانية فقط وكانت قليلة نادرة الاستعمال. ولم يكونوا يصنعون أي حلي فضية أو ذهبية، ولم يكونوا حتى يعتبرون هذه المعادن ذات قيمة، وكان الحديد نادرا، وكانت قبائل نهري الرين والدانوب تستورده ولا تستخرجه بنفسها. وكانت الكتابة اليدوية (وكانت بحروف مقتبسة من الحروف الإغريقية واللاتينية) تستعمل كشيء سري خاص بالسحر الكهنوتي. وباختصار فقد كانوا شعبا خرج لتوه من المرحلة الوسطى البربرية إلى المرحلة العليا. وبينما كانت القبائل المتصلة بالرومان مباشرة تستورد المنتجات الصناعية الرومانية في حين كانت ممنوعة من استخراج المعادن وصناعة المنسوجات لنفسها، نجد أن قبائل الشمال الشرقي على بحر البلطيق تطورت لديها هذه الصناعات؛ فقد وجدت قطع من السلاح (سيف حديدي طويل ومعطف رجل وخوذة فضية مع عملة رومانية من نهاية القرن الثاني الميلادي) في مستنقعات ستشلونج، كما انتشرت السلع الألمانية بهجرة الشعوب، وكانت هذه السلع دقيقة الصناعة رغم أنها مقتبسة من الأصل الروماني. وكل ذلك وغيره من الأمثلة التي وجدت في بورجونديا ورومانيا وحول بحر آزوف مصنوعة بنفس الطريقة التي كانت تصنع بها في بريطانيا والسويد مما يقطع بأنها ألمانية الأصل.
Page inconnue